نحو تفعيل مجلس أنصار السلم!

ديمة حسن:

بعد الكم الهائل من الدمار المادي والبشري والمعاناة التي جلبتها الحرب العالمية الثانية لشعوب العالم، جرى، بدعوة من الأحزاب الشيوعية والقوى التقدمية العالمية تأسيس مجلس السلم العالمي، كمجلس اجتماعي شعبي لمناهضة الحروب والدفاع عن السلم والأمان في العالم. وقد وقف هذا المجلس بشكل صارم ضد الحروب الإمبريالية، وضد انتشار أسلحة الدمار الشامل، وعمل على دعم الاستقلال الوطني لبلدان العالم، ووقف ضد إقامة قواعد عسكرية على أرضها. كما وقف ضد كل أشكال الاستعمار القديم والجديد، وضد العنصرية والتمييز على أساس الجنس، وكان مثالاً لاحترام الشعوب في السيادة والاستقلال، فلاقى دعماً من شعوب كثير من دول العالم، تلك الشعوب التواقة للسلام القائم على العدالة وتحصيل الحقوق بأي ثمن، لا السلام المبني على الخنوع والاستسلام. وأقام المجلس حملات تضامنية منظمة وفعاليات دولية ضخمة كان لها دور هام في لفت أنظار شعوب العالم إلى أهمية النضال ضد الامبريالية وضد أذرعها أينما وجدت. وتأسست على إثر ذلك مجالس محلية مناصرة للسلام في أكثر من مئة دولة حول العالم.

وعندنا في سورية، كان الشيوعيون السوريون سبّاقين للعمل على تأسيس مجلس أنصار السلم في سورية، وذلك بمشاركة العديد من الشخصيات الوطنية والقوى التقدمية على مر السنوات. وعمل المجلس منذ تأسيسه على إحياء العديد من المناسبات الوطنية والأممية، وشغل الرفيق الشيوعي فاروج سالاطيان، لسنوات عديدة، منصب السكرتير الدائم لمجلس السلم العالمي في هلسنكي. والآن، بعد كل تلك السنوات، فإن أسباب تأسيس مجلس السلم لم تزل موجودة، والاعتداءات الامبريالية على بلدان العالم لم تتوقف، بل ازدادت وتيرتها بشكل وقح جداً، ولعل الاعتداءات المتكررة على سورية خير دليل على ذلك. وبناء عليه فقد حظيت سورية لهذا العام بحصة كبيرة من النشاطات التضامنية لمجلس السلم العالمي، التي تجسدت باجتماع لجنته التنفيذية مؤخراً في دمشق، وقيامها بتنظيم العديد من المؤتمرات واللقاءات التضامنية مع الشعب وممثليه على كثير من الأصعدة، ويؤكد جميع المشاركين فيها وقوفهم ووقوف شعوب بلادهم وتنظيماتهم السياسية الشيوعية والتقدمية إلى جانب الشعب السوري وجيشه البطل الذي يقدم التضحيات الجسام للحفاظ على وحدة سورية واستقلال أراضيها، وسعيهم لإيصال الصورة الحقيقية لما يجري في سورية إلى شعوبهم المضللة إعلامياً في كثير من الأحيان.

إن كل ما يجري في العالم يثبت أهمية مجلس السلم العالمي والمجالس المحلية، ويؤكد ضرورة إعادة الدور الهام لهذه المنظمة التي تأثر نشاطها بالوضع الدولي العام في العقود الأخيرة، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي الداعم الأكبر للسلام العالمي. ولكن استمرار التآمر والاعتداءات الإمبريالية يحتم علينا الاستمرار بالنضال لتحقيق أهداف المجلس؛ فالسلم لا ينتظر وإنما يكتسب بالنضال الحقيقي وبكل الأشكال المشروعة.

إن مجلس أنصار السلم في سورية اليوم ليس بحالة جيدة، فقد رأينا أن اتحاد الطلبة هو الذي يضطلع بأعماله حالياً، والسؤال المطروح هنا: أيعقل استبعاد القوى والاحزاب المؤسسة لهذا المجلس، في ظل كل الأهمية لتضافر الجميع لإبراز دوره؟! فمن المسؤول عن ذلك ومن المستفيد؟! خاصة أن المشاركين من أكثر من 40 دولة من دول العالم كانوا ممثلين لأحزابهم ولقواهم التقدمية في بلادهم.

إن ما جرى بحاجة إلى الدراسة والعمل لتلافي التفرد بالمناسبات والفعاليات الدولية والوطنية، فظاهرة التفرد هذه هي ظاهرة هدامة وإقصائية لتنظيمات لها من القدم والخبرة والعلاقات الدولية الباع الكثير، واستبعادها سيكون له أثر سلبي داخلياً وخارجياً.

العدد 1104 - 24/4/2024