يوم أصبح المطر نقمة!

(الله يبعت الخير) هي عبارة اعتاد السوريون ترديدها عند اقتراب فصل الشتاء، متمنين بها هطول أمطار تروي عطشهم وزرعهم بعد صيفهم الحار، لكنهم لم يتوقعوا أن يصبح الخير المرجوّ نقمة، فرددوا جملتهم هذه اليوم بحرقة وألم، فبالرغم من إدراكهم العميق لأهمية الأمطار في إحياء الأرض والإنسان، إلا أن ساعة واحدة من الأمطار الغزيرة على العاصمة دمشق وريفها كانت كفيلة بإثارة خوفهم ورعبهم من كوارث حصلت أو سوف تحصل بناء على ما يشاهدون بأم العين.

فالانهيارات والسيول وانجراف التربة في العديد من الأحياء الشعبية والقرى الريفية، أودت بحياة بضعة أشخاص وأدت لانسداد الطرقات والأنفاق حتى غرق بعضها، فكانت خير دليل على أداء حكومتهم التي يتسابق الوزراء والمحافظون وأولو الأمر فيها على إصدار قرارات اقتصادية واجتماعية فاشلة وإجراءات مجحفة بحق المواطنين، مترافقة مع تقصير عام وأداء خدمي سيئ جداً في المجالات كافة.

ونحن الآن أمام سؤال هام: هل حُمِّلت مسؤولية مهزلة سوء تصريف مياه الأمطار هذه لأي جهة رسمية؟! هل بُحثت أسباب ونتائج الكارثة بشكل حقيقي لتدارك أخطار قادمة!؟

إن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها إلا أنها كانت الأخطر منذ عدة سنوات، وكم هو معيب وخطر على عاصمة صمدت وتحدت آلاف القذائف أن تغرق ب(شبر ماء) بسبب تقصير الجهات المعنية وإهمالها وعدم تحمّلها للمسؤولية.

لم نشهد بعد ما حصل سوى متابعة لما يجري مع استنكار من هنا وبعض اللوم من هناك، وكأنهم حكموا على المواطن السوري بتعدد أشكال الموت.. فمن لم يمت بالحرب على مر سنوات الأزمة السورية مات اليوم فقراً أو غرقاً!

فأين قرارات الحكومة حول التطوير الإداري ومكافحة ترهله؟ وماذا عن محاسبة المقصرين؟!

إن الحلول المنقوصة المعيبة لم تعد ذات جدوى… ومن صمد وصبر خلال سنوات الحرب، بناء على قرار واع ومسؤول بالوقوف مع وطنه عند أزماته، يطالب اليوم بحقوقه عند اشتداد أزمته وتخطّيها الحدود المقبولة..

أخبرونا الآن: هل استقال أحد المسؤولين بسبب ما جرى؟

هل أُقيل أحدهم؟!

هل مازلتم تبحثون عن الإدارة الرشيدة؟!

العدد 1104 - 24/4/2024