الجعفري: الدستور وكل ما يتصل به يقرره السوريون بأنفسهم

 أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري، أن الدستور وكل ما يتصل به شأن سوري سوري يقرره السوريون بأنفسهم، مشدداً على أن سورية لن تقبل بأي فكرة تشكّل تدخلاً في شؤونها الداخلية أو قد تؤدي إلى ذلك.

وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 17/10/،2018 حول الحالة في الشرق الأوسط: إن الحكومة السورية أكدت استعدادها للتجاوب مع المبادرات التي يمكن أن تساعد السوريين في إنهاء الأزمة شريطة أن تحافظ هذه المبادرات على الثوابت الوطنية، المتمثلة بشكل أساسي بالحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً، وأن يكون الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده دون أي تدخل خارجي، وأنه لا مكان للإرهاب على الأراضي السورية.

وأوضح الجعفري أنه انطلاقاً من ذلك فقد انخرطت الحكومة السورية بإيجابية وانفتاح في محادثات جنيف ومسار أستانا ومؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي، لكن العرقلة كانت تأتي دائماً من الأطراف الأخرى التي كانت ترفض الحوار وتراهن على الإرهاب والتدخل الخارجي.

وأضاف الجعفري إن سورية تعاملت بشكل إيجابي مع مخرجات مؤتمر سوتشي المتمثلة بتشكيل لجنة مناقشة الدستور الحالي،إذ قدمت رؤية عملية ومتكاملة لكيفية تشكيل هذه اللجنة وولايتها وآلية عملها، وقامت بتسليم قائمة الأعضاء المدعومين من الحكومة السورية.

وجدد الجعفري التأكيد أن إطار عمل اللجنة وولايتها محصور بمناقشة مواد الدستور الحالي، بحيث تتم هذه العملية بقيادة سورية، وأن يحترم المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا ولايته كميسّر لأعمال اللجنة، مشدداً على أنه لا يجب فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة والتوصيات التي يمكن أن تخرج بها (فاللجنة سيدة نفسها، وذلك انطلاقاً من قاعدة أن الدستور وكل ما يتصل به شأن سوري سوري يقرره السوريون بأنفسهم وبالتالي فإن سورية لن تقبل بأي فكرة تشكل تدخلاً في شؤونها الداخلية أو قد تؤدي إلى ذلك، كما تعيد التأكيد على استعدادها للعمل النشط مع الدول الصديقة لإطلاق عمل هذه اللجنة وفقاً للأسس والمحددات التي ذكرتها آنفاً.

وبيّن الجعفري أن سورية رحبت بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مدينة سوتشي بخصوص محافظة إدلب في السابع عشر من أيلول الماضي انطلاقاً من حرصها على عدم إراقة الدماء، وهو الاتفاق الذي كان حصيلة لمشاورات مكثفة بين سورية وروسيا وبتنسيق كامل بين البلدين، ونأمل أن يحقق هذا الاتفاق أهدافه ولا سيما من خلال التزام النظام التركي بتطبيق تعهداته بموجب الاتفاق، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق مؤطر زمنياً بتوقيتات محددة ويشكل جزءاً من الاتفاقات السابقة حول مناطق خفض التوتر التي نتجت عن مسار أستانا، ومجدداً التأكيد أن مدينة إدلب كأي منطقة في سورية ستعود حتماً وقريباً جداً إلى سيادة الدولة السورية.

وتساءل الجعفري: هل يعلم أعضاء مجلس الأمن أن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي رفض تنفيذ اتفاق سوتشي حول إدلب الذي انتهى أجله قبل ثلاثة أيام؟ وهل يعلمون أن هناك خلافات داخل تنظيم جبهة النصرة الإرهابي مع متزعميه حول تطبيق الاتفاق، لأنهم يريدون الاستمرار في سفك الدماء؟

وقال الجعفري: سورية ليست تحت وصاية أحد على الإطلاق. لنتذكر مصير ما سمي (اجتماع أصدقاء الشعب السوري) الذي تم إحداثه بتدخل فرنسي في مراكش بتاريخ الثاني عشر من كانون الأول عام 2012 حيث كان هذا التجمع يضم 137 دولة واليوم انخفض عدد أعضائه إلى 12 وانهار لأنه لم يكن صديقاً للشعب السوري، ولذلك الحكومة السورية لا تعترف بأي خارطة طريق لا تشارك فيها ولا توافق عليها، مشدداً على أن الأمم المتحدة يجب أن لا تكون جزءاً من تجمعات سياسية معادية لسورية لأن هذه التجمعات بكل بساطة يتم إحداثها من خارج إطار مجلس الأمن ومن قبل قوى سياسية ترعى الإرهاب في سورية وفي المنطقة.

ولفت الجعفري إلى أن بعض الدول حاولت أن تضفي على ما تسمى المجموعة المصغرة (طابعاً ملائكياً) من خلال الإيحاء بأن كامل أعضاء التجمع مهتمون بإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية.. متسائلاً: كيف يمكن لكيان يضم في عضويته دولاً مولت ودربت ورعت المجموعات الإرهابية في سورية أن يدعي حرصه على حياة السوريين؟!

وقال الجعفري: توجد قوات أمريكية وبريطانية وفرنسية وتركية على الأراضي السورية بشكل غير شرعي وهي منخرطة فيما تسمى المجموعة المصغرة، فكيف تساعد هذه الدول سورية وهي تحتل جزءاً من أراضيها داعياً مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف واضح برفض وجود هذه القوات الأجنبية ويدعو إلى وقف دعم الإرهاب ورعايته وتمويله بدلاً من الدفع باتجاه انتشار الإرهاب في كامل المنطقة.

ولفت الجعفري إلى أن ما يسمى (التحالف الدولي) غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة وفي انتهاك صارخ جديد لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وصكوك حقوق الإنسان أقدم على اقتراف جريمة جديدة بحق المدنيين السوريين الأبرياء بعد أن قام طيرانه الحربي يومي السبت والأحد الماضيين باستهداف المنازل السكنية في مدينة هجين بمحافظة دير الزور بقنابل الفوسفور الأبيض المحظورة دولياً، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال، مؤكداً أنه بات واضحاً للجميع أن هذا التحالف يحارب كل شيء في سورية إلا الإرهاب، إذ أثبتت ممارساته أن أهدافه تتماهى مع أهداف المجموعات الإرهابية في نشر الفوضى والقتل والدمار، فضلاً عن استمرار دعمه لتنظيم داعش الإرهابي ونقل عناصره إلى شرق الفرات لتنفيذ مخططاته العدوانية في سورية.

وشدد الجعفري على أن الحفاظ على الحد الأدنى من مصداقية مجلس الأمن يستدعي حكماً أن يباشر فوراً بإجراء تحقيق دولي بهذه الجرائم والتحرك الفوري لوقفها ومنع تكرارها وإنهاء الوجود العدواني للقوات الأمريكية والقوات الأجنبية الأخرى الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية ومنعها من تنفيذ مخططاتها الرامية إلى تقويض وحدة وسلامة الأراضي السورية، فالاستقرار المستدام في سورية يحتم انسحاب جميع القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير شرعي على الأرض السورية بما في ذلك القوات التركية والأمريكية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية والتي نعتبرها جميعها قوات احتلال يخالف وجودها على الأرض السورية ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الخاصة بسورية).

وأكد الجعفري أن الإنجازات التي حققتها سورية وحلفاؤها في الحرب على الإرهاب أدت إلى تطورات جديدة داخل سورية وفي المنطقة يجب أخذها بعين الاعتبار في أي مداولات حول الوضع في سورية وأصبح من الضروري وقبل فوات الأوان أن تراجع الأطراف والقوى التي تدعم الإرهاب مواقفها وأن تنضم إلى جهد دولي حقيقي لوقف الاستثمار في هذه الحرب الإرهابية فدعم الإرهاب والاستثمار فيه يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة والعالم على المدى القصير والمدى البعيد.. وآن الأوان لأن يخرج البعض من حالة الانفصال عن الواقع وأن يتخلى عن آخر أوهامه ويرى الأمور بواقعية وعقلانية ويدرك أنه لن يحصل بالسياسة على ما لم يحصل عليه بالإرهاب.

وشدد الجعفري على أن سورية ماضية في السعي للوصول إلى حل سياسي سوري سوري يقرر فيه السوريون وحدهم مستقبلهم وخياراتهم دون تدخل خارجي وبما يضمن سيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، ولذلك وانطلاقاً من احترامها لدور الأمم المتحدة في تسهيل الحوار بين السوريين فإن الحكومة السورية وجهت دعوة إلى المبعوث الخاص لزيارة سورية خلال الأيام القادمة لإجراء مناقشات حول الجوانب المتعلقة بمهمته.

العدد 1104 - 24/4/2024