لافروف: الأمريكيون يقيمون دويلة غير شرعية شرقي الفرات ويرسلون الدواعش إلى العراق وأفغانستان

 قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة مع قناة  (روسيا اليوم) وسائل إعلام فرنسية، إن الأمريكيين يحاولون إقامة دويلة غير شرعية شرقي الفرات في سورية، ويرعون هناك فلول (داعش).

ورداً على سؤال قال لافروف:

 فيما يخص سورية، فمن المرجح هنا بأنه لديكم الكثير من النقاط المشتركة في المواقف تجاه هذه الأزمة، وليس بين فرنسا والولايات المتحدة فحسب، وإنما بين أوربا والولايات المتحدة عموماً. فتعمل ما تسمى بالمجموعة المصغرة حول سورية والتي شُكّلت بمبادرة من الرئيس ماكرون، ويدخل فيها كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والأردن والمملكة السعودية ومصر كما أذكر. وتتخذ هذه المجموعة مواقف لا نقاسمها فيها. وهنا أنتم أقرب بكثير إلى مواقف واشنطن.

وأتجرد عن الأشكال التي تُعرض فيها هذه المواقف في هذه المرحلة أو تلك، فأنتم توجهون العمل بالشكل الذي سيغيّر النظام السوري بأي ثمن وبأن تنتهي العملية السياسية بتغيير النظام حتماً، ما لا ينص عليه القرار رقم اثنان وعشرون وأربعة وخمسون، والذي نريد احترامه والذي يقترح مبدأ واضحاً جداً: على السوريين بأنفسهم أن يقرروا مصير بلدهم ومصيرهم. وهذا القرار يقترح، كما تعلمون، صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، انتخابات يمكن لجميع السوريين أن يشاركوا فيها، وغيرها من الأمور.

وبالطبع، لا يمكننا أن نوافق على تصرفات أعضاء هذه المجموعة المصغرة، وقبل كل شيء تصرفات الأعضاء الغربيين في هذه المجموعة المصغرة، تجاه استخدام القوة ضد الدولة السورية وضد المنشآت الحكومية السورية تحت ذريعة استخدام دمشق للأسلحة الكيماوية. وهذه الذرائع لم تُبرهن فوراً بالحقائق. وما جرى في الرابع عشر من نيسان (أبريل)، عندما قصفت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة منشآت مرتبطة، كما أُعلن، بإنتاج الأسلحة الكيماوية في سورية، وقد جرى ذلك قبل عدة ساعات من الوصول المفترض لمفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى هذه المنشآت.

وكنتم على علم بذلك، كان مسؤولوكم على دراية جيدة بذلك، والجميع علم بهذا. وإذا كان في هذه الحالة، عندما كان المفتشون على وشك الوصول وإجراء تحقيق مستقل، قررت هذه الدول الغربية الثلاث قصف هذه المنطقة بالتحديد، فليس لدي أي تفسير آخر، عدا أنكم كنتم تعلمون بأن الاتهامات ضد دمشق باطلة، وحاولتم من خلال هذا القصف…. لستم أنتم بالطبع، المعذرة على قولي ذلك، هيئاتكم الرسمية حاولت من خلال هذا القصف عرقلة عمل المفتشين.

ومنذ ذلك الحين، وكما ذكرت سابقاً، نحاول إجراء حوار ما بشأن سورية. ونحن لسنا ضد الاتصالات مع هؤلاء الذين لا يشاطروننا تقييماتنا، وهؤلاء الذين لا نقاسمهم تقييماتهم. روسيا توجد في سورية بدعوة من الحكومة الشرعية، أما الدول الغربية فمن دون هذه الدعوة. ولكن الرئيس ماكرون قد طرح حينها فكرةَ أن تقوم هذه المجموعة المصغّرة حول سورية بالتواصل مع مجموعة أستانا: مع روسيا وتركيا وإيران. نحن مستعدون لمثل هذه الاتصالات، ولكن علينا، بالطبع، بدايةً وقبل البدء بشكل جاد بمناقشة أمر ما، علينا تحديد أسس مثل هذا الحوار.

والأساس يمكن أن يكون القرار اثنان وعشرون وأربعة وخمسون فقط، والذي تعتبر فيه مواقف السوريين أنفسهم وأنه على السوريين فقط أن يخوضوا هذه العملية حجر زاوية. فلا يمكننا أن نحّل أية مسائل هامة من وراء ظهر الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني السوري.

وأجاب لافروف عن سؤال آخر:

أما فيما يتعلق بسورية فبودّي التشديد من جديد، وقد ذكرت ذلك رداً على السؤال السابق، على أننا قمنا بكل ما في وسعنا بغية تحرير المدنيين في شرق حلب والغوطة الشرقية، وتسوية المشكلة المتعلقة بالمنطقة الجنوبية لخفض التصعيد، والتي تم التوصل إليها مع الولايات المتحدة والأردن وبالتشاور مع الطرف الإسرائيلي أخذاً بعين الاعتبار قرب الجولان المحتل منها. أما العملية العسكرية هناك فنُفذت دون حدوث أية تداعيات إنسانية وخيمة.

وقد تسنى للقوات الأممية استعادة عمليات المراقبة الرامية إلى فض الاشتباك في الجولان المحتل إضافةً إلى استعادة خطي (ألفا) و(برافو) حيث يوجد الجيشان السوري والإسرائيلي وفقاً لما تم الاتفاق عليه في عام 1974. وبطبيعة الحال، علينا التصرف دائماً بهذه الطريقة.

لا نعرف ما يحدث في بعض المناطق السورية خصوصاً أن الأمريكان الذين يتحصنون في الضفة الشرقية لنهر الفرات لفترة طويلة أقاموا هناك منطقة بقطر 50 كم حول التنف. ويوجد داخل هذه المنطقة مخيم الركبان للاجئين الذي لا يمكن الوصول إليه، إذ لا أحد يقدم ضمانات أمنية للدخول إلى هذا المخيم دون التعرض لهجمات الدواعش الذين يتصرفون بحرية في هذه المنطقة الخاضعة للسيطرة الأمريكية.

فضلاً عن ذلك، نحصل على مزيد من الأدلة على أن الأمريكان ينقلون الدواعش من سورية إلى العراق وأفغانستان. وتشغل بالنا هذه المعلومات، لذا توجهنا إلى المؤسسات الدولية المعنية وإلى الطرف الأمريكي بغية الاستفسار عن ذلك. كما ذكرت، يشغل هذا الأمر بالنا خصوصاً وأن غالبية الخبراء يعتبرون أن ثمة محاولات لتحويل أفغانستان إلى مرتع جديد (لداعش). ويتحصن الدواعش أساساً في شمال أفغانستان أي بالقرب من آسيا الوسطى حيث يتمركز حلفاؤنا وشركاؤنا الاستراتيجيون. هذه المسألة مهمة، وسنكون حريصين على مواصلة العمل للحصول على إيضاحات فيها.

ورداً على سؤال ، قال لافروف:

أولاً، الاتفاق مع الأتراك مؤقت فعلاً. ولن تنتهي هذه القصة إلا عندما يستعيد الشعب السوري السلطة ويخرج جميع الغرباء من أراضي سورية، لا سيما من جاء إليها بدون دعوة رسمية. وهذا واضح للجميع.

أما فيما يتعلق بكيفية تنفيذ اتفاقية سوتشي، فيجب القول إنه يتم تنفيذها، فقد بدأت عملية إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب وبدأ سحب الأسلحة الثقيلة من هناك، ويتعامل شركاؤنا الأتراك بنشاط مع المعارضة ويقنعونها بضرورة التعاون، وهذا التعاون يجري. سنتابع هذه العملية بانتباه.

لا أتفق معكم في أن إدلب هي المنطقة المتأزمة الأخيرة في الأراضي السورية. هناك مساحات شاسعة من الأراضي السورية شرقي الفرات تجري فيها أشياء غير مقبولة مطلقاً. تسعى الولايات المتحدة بواسطة حلفائها السوريين، وبالدرجة الأولى بواسطة الأكراد، لاستخدام هذه الأراضي بهدف تأسيس دويلة غير شرعية.

وفي شرقي الفرات يحاول الأمريكيون، وبصورة غير شرعية إطلاقاً، إقامة دُويلة ويبذلون قصارى جهدهم لتهيئة ظروف ملائمة وطبيعية لحياة أتباعهم، ويؤسسون هناك هيئات السلطة البديلة لهيئات سلطة الجمهورية العربية السورية ويساهمون في إعادة اللاجئين وإسكانهم هناك. وفي الوقت نفسه لا ترغب الولايات المتحدة ولا فرنسا ولا غيرها من الدول الغربية في تهيئة ظروف لعودة اللاجئين إلى مناطق أخرى في سورية، إذ يربطون في الغرب ذلك بضرورة إطلاق عملية سياسية (تحظى بالثقة) على حد قولهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا حاجة في الضفة الشرقية لنهر الفرات، والتي يسيطر عليها الأمريكيون مع أتباعهم المحليين، إلى انتظار إطلاق العملية السياسية التي (تحظى بالثقة)؟ لا يمكن أن تكون إلا إجابة واحدة، ألا وهي: إنهم يريدون إنشاء منطقة ستكون أساساً لدويلة جديدة ما. وعلى ما يبدو، إنهم يبادرون في لعبة جديدة خطيرة مع فكرة كردستان الكبرى… ولا أستبعد ذلك، لأن الولايات المتحدة في هذه المنطقة تسعى في أغلب الأحيان إلى الحفاظ على التوتر وإلى منع أي شكل من أشكال التهدئة.

العدد 1105 - 01/5/2024