حول القمة الأخيرة للدولة الضامنة في إيران

د. صياح عزام:  

اتجهت أنظار العالم مؤخراً إلى قمة الدول الضامنة الثلاث (روسيا، إيران، وتركيا) التي عُقدت في إيران يوم السابع من الشهر الجاري، ولماذا كانت هذه القمة محط الأنظار؟

أولاً_ لأن إدلب هي آخر معقل من المعاقل الكبرى للإرهابيين العرب والأجانب وبعض مريديهم ممن رفضوا المصالحة وآثروا أن يغادروا من المناطق والمدن التي حررها الجيش السوري وحلفاؤه إليها، وكذلك توجد فيها فلول أو ما تبقى ممن يسمون أنفسهم معارضة سورية.

ثانياً_ لأن المعركة المرتقبة فيها ستكون أكبر وآخر المعارك في الحرب الإرهابية المندلعة في سورية وعليها منذ أكثر من سبع سنوات خلت.

ثالثاً_ لأن مسألة إدلب دارت ولاتزال تدور حولها مروحة واسعة من الاتصالات والتحركات السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية، فالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وعملاؤهم في السعودية وقطر، كل هؤلاء حريصون على عملائهم وأدواتهم الإرهابيين الموجودين في إدلب، ليظلوا بمثابة ورقة في أيدي هذه الدول للمساومة على تقسيم سورية. أما تركيا فهي ترقص على أكثر من حبل وتناور ليكون لها حصة من الكعكة السورية، متذرعة بالخوف من تدفق اللاجئين السوريين إليها من جيد، ومن إقامة كيان كردي على حدودها، إلا أن هذه كلها ما هي إلا ذرائع للتغطية على أطماع السلطان العثماني الجديد في الأراضي السورية، ولكن مع هذا فإن أردوغان، في ظل عزلته داخل تركيا بسبب تورطه في التآمر على سورية، وفي ظل خلافاته مع الولايات المتحدة، بات أقرب إلى التسليم بأن إدلب محافظة سورية وليست تركية حسب أطماعه التوسعية والعثمانية.

إذاً، معركة تحرير إدلب من الورم السرطاني قادمة لا محالة، وسيتم تحرير هذه المدينة سواء كان ذلك عبر المصالحات أو عن طريق القوة العسكرية، وتفيد بعض الأنباء المتسربة من هناك أن محاولات تأخير المعركة إنما هي لتأمين إخراج أكبر عدد من الإرهابيين الأجانب من إدلب ونقلهم إلى ساحات أخرى لاستخدامهم فيها، ومن الأدلة على ذلك أن مصر اشتكت من هذا الأمر، واتهمت النظامين التركي والقطري بذلك، في حين أكدت كل من روسيا وإيران أنه يجري نقل قسم من هؤلاء الإرهابيين إلى أفغانستان وبعض الدول الأخرى على طائرات أمريكية وبريطانية وفرنسية للاحتفاظ بهم إلى حين الحاجة.

بطبيعة الحال، أكد المجتمعون ضرورة استمرار محاربة الإرهاب، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وأكدت كل من موسكو وطهران خاصة أهمية الإسراع في الحسم في إدلب، لأن الإرهابيين فيها يشكلون خطراً على المنطقة والعالم بأسره.

وفي سياق متصل مضت الولايات المتحدة وحلفاؤها وأدواتها في المنطقة في محاولات وضع العوائق أمام إنهاء الإرهاب في إدلب من خلال عدة إجراءات، منها الإيعاز لعملائهم في جبهة النصرة والحزب التركستاني الإسلامي وغيرهما من التنظيمات الإرهابية للمضي في التهيئة لمسرحية استخدام الكيماوي من قبلهم في إدلب لاتهام الجيش السوري وحلفائه بذلك، وإيجاد مبرر للعدوان العسكري على سورية، وسيستخدم هذا السلاح من قبل التنظيمات التي أشرنا إليها أعلاه- كما أشارت مصادر مطلعة- في مناطق جسر الشغور وسراقب وتفتناز، بالتنسيق مع عصابة (الخوذ البيضاء)، علماً بأن التحضير لهذه المسرحية يجري في إحدى مدارس مدينة إدلب وفقاً للمصادر نفسها.

وبالتوازي مع ذلك تقوم الولايات المتحدة بتنفيذ مناورات في التنف تحت ذريعة محاربة داعش، مع استمرار إطلاق التصريحات على لسان الرئيس ترامب والمسؤولين البريطانيين والفرنسيين التي تحذر من هجوم الجيش السوري وحلفائه على إدلب ومن تداعياته الخطيرة.

كذلك يستمر التباكي على المدنيين في إدلب في ظل أي هجوم سوري، في الوقت الذي يعاني فيه هؤلاء المدنيون الأمرّين على يد المجموعات الإرهابية، من قبيل اضطهادهم وسرقة أملاكهم، ومنعهم من الخروج إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش العربي السوري، وذلك لاستخدامهم كدروع بشرية كما فعلوا في حلب ودير الزور والغوطة الشرقية والجنوب السوري.

على أي حالة نعود للتأكيد أن إدلب ستعود إلى حضن الدولة السورية في أقرب وقت، وسيعرف الجيش السوري وحلفاؤه كيف يتعاملون مع الإرهابيين الموجودين فيها، مع الحرص على إفساح المجال للتسويات والمصالحات للقرى والبلدان والفصائل الراغبة بذلك.

العدد 1105 - 01/5/2024