لا… لمزادِ علنيّ!

إيناس ونوس:

 تعدُّ المعارض والمحافل الدَّولية نافذةً تطلُّ من خلالها الدُّول المشاركة أو المستقطبة على العالم برمته، ومجالاً للتَّنافس بينها من خلال ما تقدِّمه وتطرحه كلٌّ منها من منتجات أو مشاريع، إضافةً إلى كونها إثباتاً للمقدرة على الحضور الحقيقي والفعَّال على أرض الواقع، وهذا هو أحد أهم أسباب إصرار حكومتنا على إعادة افتتاح معرض دمشق الدَّولي بعد توقفه لسنواتٍ بسبب الحرب، إضافةً إلى رغبتها في جذب الاستثمارات الخارجية لتساهم في عملية إعادة الإعمار نظراً لقلة الموارد البشرية والطَّاقات الشَّابة بحكم الهجرات التي حدثت، ولضعف الموارد والإمكانيات اللازمة لذلك، إن لم نقل لانعدامها.

سارعت حكومتنا العام المنصرم لإعلان افتتاح المعرض مجدَّداً كنوعٍ من إعلان انتهاء الحرب، فكانت خطوة هلَّلنا لها جميعاً توَّاقين للحياة وعودتها إلى مجراها الطَّبيعي، وقد أعلنت بعدها نجاح العمل… فما هي معايير هذا النَّجاح؟ من وجهة نظر الحكومة كانت الخطوة موفَّقة نظراً لمشاركة عدد من الدُّول التي لم تشارك في العقوبات المفروضة على البلاد، وفي هذا تحدِّ كبير لكل من فرض تلك العقوبات، هذا أولاً. وثانياً، لقدرتها على استقطاب العديد من الاستثمارات التي ساندتها في الوقوف مجدَّداً، وها هي ذي اليوم تعيد الكرَّة ويُعاد افتتاح المعرض للسَّنة الثَّانية على التَّوالي.

من حقِّ كلِّ حكومةٍ أن تسارع لإنقاذ بلادها وأن تعمل على الإسراع بعجلة إعادة الإعمار بالطُّرق التي تجدها مناسبة ومتناسبة مع إمكانياتها، كما أنه من حقِّها الإفادة من خبرات الآخرين الأكثر تطوُّراً وتميُّزاً، إنما من حقنا كمواطنين أن نحصد نتائج كل هذا ونعيشه. فإن كانت النَّتائج إيجابية وانعكست بطبيعة الحال على الصَّالح العام فأهلاً ومرحباً بها، أما وإن لم تصب إلاّ في خدمة أصحاب النُّفوذ والسُّلطة من مستثمرين وتُجّاراً وأصحاب رساميل، وبأيدي قلةٍ قليلةٍ فقط، فأين نحن من كل هذا!؟ وماذا لو لم يستفد أبناء الوطن من تلك الاستثمارات؟ ماذا لو لم يستعد من خسروا بيوتهم بعضاً من حقوقهم في مسكنٍ يؤويهم؟ ماذا لو لم تُخلق فرص عملٍ جديدةٍ للشَّباب تقيهم الهجرة أو التَّشرُّد والعبثية؟!

إننا مع حكومتنا في البحث عن شتى الوسائل التي تساعدها في النُّهوض بالبلاد، لكن من حقنا الحصول على نتائج تلبي احتياجاتنا بعد سنوات الحرب والفقر والتشرّد، أما أن يُسمح للدُّول الأخرى ولأي جهة مشاركة في فرض طرق عملها علينا ومن ثم تحصد وبعض أتباعها ثمار كل العمل، فهذا ما لسنا معه أبداً، ولسنا مع تحويل البلاد إلى مزادٍ علني تشارك فيه دولٌ واستثماراتٌ شتى ونحن مجرَّد مشاهدين نهلِّل ونصفق للرابح فيهم!

العدد 1105 - 01/5/2024