أين نحن من حماية المعوقين في النزاعات؟!

ألزمت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادقت عليها سورية ،2010 الدول المصادقة حماية المعوقين في حالات النزاع المسلح. إذ تعهدت تلك الدول باتخاذ كل ما يمكن لضمان حماية المعوقين وسلامتهم في ظروف الحرب والنزاعات والكوارث فتقول المادة (11) في حالات الخطر والطوارئ الإنسانية:

(تتعهد الدول الأطراف، وفقاً لالتزاماتها بمقتضى القانون الدولي، وبضمنها القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان الحماية والسلامة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يوجدون في حالات تتسم بالخطورة، بما في ذلك حالات النـزاع المسلح والطوارئ الإنسانية والكوارث الطبيعية).

وتتمثل تلك التدابير بتقديم كل ما يمكن لتعزيز وحماية جميع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والعمل للوصول بهم إلى البيئة المادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتقديم خدمات الصحة والتعليم والإعلام، وأن توفر أوضاع يسودها السلام والأمن على أساس الاحترام التام للمقاصد والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، واحترام صكوك حقوق الإنسان السارية.

ضمن كل تلك العهود والالتزامات تتنامى مشاكل واحتياجات المعوقين في سورية والمخيمات التي لجأ أو نزح إليها السوريون خارج سورية أو داخلها، وتزداد حالات الإعاقة بسبب كل ما يجري من اقتتال في الأرض السورية لتزداد بالتالي الاحتياجات والمتطلبات في وسط شح كبير في المساعدات المقدمة والتي لا تضع في أولياتها مشاكل المعوق التي لا تقف عند الطعام والشراب. فهو بحاجة إلى حماية من نوع خاص واهتمام بالصحة بشكل دوري ويومي في بعض الحالات، وذلك لضمان سلامتهم وحمايتهم من تفاقم وضعهم. لكن ما نراه ينبئ بكارثة إنسانية تحيط بالأطفال وكبار السن والمعوقين بشكل خاص، فمن ضمن التقارير التي تقدمها المنظمات المتخصصة بشؤون النازحيين في سورية أنهم يعيشون وضعاً إنسانياً اقل مايمكن أن يقال عنه بأنه مأسوي. ويمكن تلخيص تلك المعاناة بالنقاط التالية:

– عدم وجود الأمان: فعلى الرغم من أن المناطق التي يعيش فيها أولئك النازحون هي أكثر أمناً نسبياً من المناطق التي نزحوا منها، إلا أن تلك الأماكن الجديدة لا توفر بالضرورة الأمان لهم

– غياب البيئة الصحية: فهم يتجمعون في أماكن سرعان ماتتحول ألي تجمعات شديدة الاكتظاظ (مدارس _ مبان حكومية وخاصة _ مساجد _ حدائق عامة. إلخ) وهذا مايتسبب بانتشار أكوام القمامة والأوساخ وظهور الأمراض لا سيما بين الأطفال والشيوخ والمرضى أصلاً، وذلك بسبب نقص المقاومة وانتقال تلك الأمراض سريعاً بينهم بفعل العدوى وتتفاقم الحالة في تلك الأماكن لعدم وجود التجهيزات الطبية ( مشافٍ … مستوصفات …. عيادات تخصصية ) ونقص حاد في الأدوية النوعية وسوء في طرق تخزينها، والغياب أو النقص في الكادر الطبي المتخصص.

– غياب التنسيق الإغاثي والمنظمات الإغاثية: تتحول العملية الإغاثية في تلك الأماكن إلى جهود شعبية وفردية صغيرة وغير منظمة، ولا تلبي الاحتياجات الحقيقية لأولئك النازحين.

وبكل تأكيد وضع المعوقين هو أشد سوءاً، فهم يعانون معاناة مضاعفة عدّة مرات أكثر من الآخرين، مع غياب التوثيق والرصد الدقيق للاحتياجات والتواصل الجيد.

وهنا تبقى سورية والدول المصادقة على الاتفاقية تحت المساءلة حول ما اتخذوا من تدابير لحماية المعوقين والحد من زيادة نسبة الإعاقات ضمن ما يحدث، إن كان للنازحين في سورية أو اللاجئين من سورية إلى الدول المجاورة.

العدد 1105 - 01/5/2024