رسالة إلى الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم

يهديكم الحزب الشيوعي السوري (الموحد)، أحر تحياته القلبية، متمنياً لكم عاماً جديداً حافلاً بالانتصارات لصالح قضية الاشتراكية في العالم.

تعلمون أن بلادنا سورية تتعرض منذ أكثر من 20 شهراً إلى حرب، تشارك فيها  عشرات الدول الإمبريالية ودول تابعة لها، بهدف تدمير الدولة السورية التي تقف حجر عثرة  أمام تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير القائم على تفتيت دول المنطقة إلى دويلات وكيانات صغيرة متقاتلة، والهيمنة بشكل مطلق على ثرواتها من النفط والغاز، وتصفية القضية الفلسطينية ضد مصلحة الشعب الفلسطيني.

لقد استغلت هذه الدول أخطاءً وسلبياتٍ في النظام، وبعض التحركات الشعبية لمناهضة هذه السلبيات التي كانت سلمية في بدايتها، ولكنها تحولت إلى حركات مسلحة، دعمها الحلف الذي نشأ، والمكون من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية وتركيا وقطر والسعودية، على نطاق واسع.

واستولت تركيا على المعابر الحدودية بينها وبين سورية، لتسهيل تدفق الألوف من المرتزقة الذين يسمَّوْن بالجهاديين، وفتحت لهم معسكرات للتدريب، وتدفقت عليهم أحدث الأسلحة، وصرفت مليارات الدولارات من أموال النفط، واستعملت أكثر أساليب الحرب النفسية إثارة، وسخّرت أكثر من 100 محطة تلفزيونية لبث الروح الطائفية والاقتتال المذهبي بين أبناء الشعب الواحد، ولإذاعة معلومات كاذبة أمام الرأي العام العالمي. ثم انتقلت المجموعات المسلحة الجهادية هذه إلى تخريب الاقتصاد السوري ومحاربة الشعب السوري باستخدام المقاطعة والعقوبات والحصار الاقتصادي ومحاولة تجويعه، ثم لجؤوا إلى الاعتداء المسلح على الممتلكات العامة والخاصة بالمتفجرات والسيارات المفخخة. فقد نسفت محطات توليد الكهرباء وتقطعت خطوط نقلها، ونسفت آبار النفط، وفجرت صهاريج نقله، وسرقت ألوف الأطنان من القمح وشحنت إلى تركيا، وتم تفكيك أكثر من 1000 معمل في حلب وسُرقت أجزاؤه وبيعت في السوق التركية بأرخص الأثمان، واعتُدي على منشآت الري وعلى مراكز التربية الحيوانية، وقُطعت الطرقات بين محافظات البلاد، واستهدفت المراكز الصحية والمدارس والجامعات، واغتيل عدد من العلماء والأطباء والضباط، واختطف الألوف من العسكريين والمدنيين.. ثم أميط اللثام مؤخراً عن مجزرة قامت بها هذه المجموعات وألقيت بجثث الضحايا في النهر، وزاد عدد الشهداء والضحايا على عشرات الألوف، وقُطعت رؤوس الكثيرين ومُثّل بجثثهم، إلى ما هنالك من أساليب تنتمي إلى القرون الوسطى.

ومنذ أيام فقط ارتكب هؤلاء سلسلة من الجرائم عن طريق السيارات المفخخة، وخاصة في دمشق وحلب وإدلب والسلمية، فقد سقط أكثر من 85 طالباً في جامعة حلب ومئات الجرحى دفعة واحدة.

إن سورية تواجه اليوم عدواناً مسلحاً مباشراً من قبل تركيا التي تصرح علناً بأنها تزود الإرهابيين بمستلزمات عدوانهم وترسلهم إلى سورية، وتسهل دخول المقاتلين إلى سورية من 29 بلداً. وهذه الأعمال منافية تماماً للقانون الدولي الذي يمنع أي دولة منضمة للأمم المتحدة من استعمال أراضيها ضد جيرانها. ونحن نعلم أنه ماكان بإمكان تركيا القيام بهذه الأعمال منفردة، لولا الدعم الأمريكي والأوربي والخليجي. ولكن سورية تتصدى لهذا العدوان وتوقع بالمهاجمين خسائر كبيرة تمنعهم من تحقيق كامل أهدافهم، إلا أن السوريين يدفعون ثمناً غالياً لذلك.

إن سورية لم تؤمن بالحل العسكري بمفرده، وهي منذ الأساس دعت إلى الحل السياسي السلمي وإلى الحوار الوطني الشامل، ولكن هذا الحلف العدواني يضع شروطاً مسبقة للحوار تجعل من تحقيق الحل السياسي أمراً مستحيلاً.

ومنذ عدة أيام أطلقت الحكومة السورية مبادرة سلمية جديدة منبثقة عن القوانين الدولية التي تمنع التدخل والإضرار بشؤون الدول المجاورة، كما تنص على إصلاحات ديمقراطية ودستور جديد وميثاق وطني عام تشترك في إعداده جميع القوى وبضمنها المعارضة، ووقف العمليات العسكرية للجيش السوري مقابل وقف تسلل المرتزقة إلى البلاد. ولكن هذه المبادرة اصطدمت برفض فوري لها من المجموعات الإرهابية المسلحة ومن هم وراءها، وتصر على مواصلة العنف والإرهاب.

ومنذ يومين طرأ تطور جديد على مسار الأحداث، إذ قامت إسرائيل بشن عدوان مباغت على أحد المركز العلمية البحثية التابعة للجيش السوري بالقرب من الحدود اللبنانية السورية، مما يؤكد حقيقة أن إسرائيل تسعى لاستغلال الوضع الحالي لإضعاف الجيش السوري وفتح جبهات جديدة عليه.

 إن الشعب السوري الذي استشهد منه الألوف حتى الآن، وخاصة من المدنيين الأبرياء والعزل، يتعرض اليوم إلى كارثة إنسانية كبيرة، ويوجد نحو 3 ملايين مواطن سوري مهجّرين من منازلهم إلى مناطق أخرى في سورية وإلى بعض بلدان الجوار، ويعانون من إيجاد المأوى والغذاء لهم، ويناشدون الرأي العام العالمي عن طريقكم من أجل تقديم المساعدات الإنسانية المناسبة، والضغط على حكومات الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وقطر والسعودية لفك الحصار الاقتصادي عن سورية، وللكف عن دعم الجماعات الإرهابية المسلحة التي لاتشكل فقط خطراً كبيراً على سورية، بل وعلى أجزاء كبيرة من العالم أيضاً.

إن تضامنكم مع شعبنا في هذه الأيام الصعبة سيكون موضع تقدير وشكر، وسيكون برهاناً جديداً على وحدة القوى الثورية في العالم وتلاحمها.

دمشق 9/2/2013

الحزب الشيوعي السوري (الموحد)

العدد 1107 - 22/5/2024