«سلامة الأغـواني رائد المونـولوج النـاقد»

يأتي كتاب (سلامة الأغواني رائد المونولوج الناقد) للباحث الموسيقي أحمد بوبس استكمالاً لمشروعه في البحث والكتابة والأرشفة عن أهم الشخصيات الإبداعية الموسيقية في سورية، فقد كتب الباحث أحمد بوبس العديد من الأبحاث والمواد الصحفية عن الموسيقيين والمغنين السوريين في إطار الحفاظ على كنوز التراث الغنائي والموسيقي في سورية.

وأفرد الباحث أحمد بوبس في محاضرته عن سلامة الأغواني في المركز الثقافي العربي في المزة حديثاً مطولاً عن تجربة الأغواني في كتابة الزجل وغناء المونولوجات الشعبية، وأشار في المحاضرة التي تزامنت مع ذكرى رحيله الثلاثين، إلى أن الأغواني ابتكر المونولوج الناقد كأغنية تنتقد العادات الاجتماعية والحياتية، إذ لم يكن هذا النوع من الغناء معروفاً في منطقتنا العربية، لكنه ترافق مع عمر الزعني من لبنان. وقد انحسرت ظاهرة المونولوج في الغناء العربي، فلم يظهر سوى الفنان رفيق سبيعي مهتماً بهذا اللون الغنائي وحوّله إلى أغنية شعبية من فئة (الطقطوقة) مبيناً أن هذا النوع الخاص من الغناء يحتاج إلى شخصية فنية لها مقومات خاصة قادرة على قراءة الواقع وإعادة طرحه بطريقة ساخرة وفنية ومقبولة.

وبين بوبس في محاضرته الجوانب الحياتية والإبداعية لرائد المونولوج في سورية، إذ أوضح أن الأغواني بدأ بكتابة الزجل منذ الطفولة، تطور أداؤه وتحول من الزجل إلى الغناء الناقد بعد أن التقى بالملحن صبحي سعيد، الذي كان يلحن له المنولوجات ليقدمها بصوته عبر الأسطوانات. لافتاً أن أول ما قدمه الأغواني مونولوجان سنة 1927 بعنوان (نحنا الشوفيرية نحنا ياجدعان) ومونولوج (اسمعوا يا أهلية) اللذان صدرا عن شركة سورية الوطنية في أسطوانة خاصة.

ثم بدأ المونولوج الوطني يأخذ دلالته عند الأغواني، إذ كتب العديد من المونولوجات التي هاجم فيها الاحتلال الفرنسي. ومن المونولوجات الوطنية (أنا قلبي دايب)، ومونولوج (البيت بيتنا والأرض لأبونا وبأي عين جايين تنهبونا)، ومونولوج (لعند هون وبس). وقد دخل السجن عدة مرات نتيجة هجومه العنيف على الاحتلال الفرنسي، حتى نفي إلى أفغانستان سنة 1936. ولم يقف في انتقاداته للاحتلال الفرنسي، بل كان من الفنانين السباقين للغناء ليوم الجلاء بعد الاستقلال عام 1946 فغنى (اليوم عيد وبكرا عيد والأعياد كل يوم بتزيد)، ثم اتجه للمناسبات الوطنية والاجتماعية بالتوازي مع انتقاده للعادات السيئة مثل مونولوج (ياسوري حاجة تبذير) ومونولوج (اعميل معروف انتبه وشوف)، كما هاجم الغش وغلاء المعيشة والفوضى وصعوبة الزواج وغيرها الكثير من الأمور.

وقد حدد بوبس المونولوجات التي غناها الأغواني حتى وصلت إلى ألف مونولوج، وكانت من تأليف الأغواني وتلحين صبحي السعيد الذي كان قائداً لفرقته الموسيقية، وفي مطلع السبعينيات تقاعد الأغواني عن الغناء، ورحل في السادس من آب سنة 1982.

العدد 1105 - 01/5/2024