الإصغاء

من خلال متابعاتي وما أراه مما يجري في مجتمعاتنا أكاد أتيقن أننا  كمجتمع عربي، نفتقد لما يسمى المبادئ العامة للتواصل، وكيفية التلاقي مع الآخر. فنحن نفتقد لغة الحوار، و الإصغاء في الكثير من مناحي حياتنا،  فإننا قد تعودنا عدم سماع الآخر أو الاهتمام بمشاعره ومكنوناته، فتحولت إلى جينات متوارثة. وقد ساعدت استعماراتنا السابقة وديكتاتورياتنا المتلاحقة التي توالت علينا على أن نكتسب هذه المزايا الرائدة والمتفردة! فمن منا يستمع أو يريد أن يستمع للآخر، فكل منا هو (الوحيد) الذي يعلم، ويفهم، ويدرك، ويبصر. ففي كتاب يتحدث عن لغة التواصل عرّف الإصغاء بأنّه من أثمن أدوات العقل، يدفعنا لأن نستفسر أين المشكلة، فيمكّننا من أن نستدرك سببها واستخراجها. ويؤكد علم النفس أن معظم الخلافات الاجتماعية والمشاكل النفسية والتباين الزمني بين الأجيال سببها رفض الاستماع إلى الآخر. والاستماع هو الإصغاء وهو القدرة على (تحديد) فهم ما يقوله الآخرون، والاستماع الجيد يوصلنا إلى أي شيء نريده لنشترك به مع الآخرين. وهنا نقاط عدّة يشرحها الكتاب حول كيفية الإصغاء بأن نكون على (استعداد) للتركيز والانتباه، وأن نترك المتحدث حتى ينتهي من الحديث، وان (نبتعد) عن الاندفاع لملء الثغرات الموجودة في المحادثة. يمكن أن تكون مهمة للفرد نفسه المتحدث لجمع أفكاره أو التعبير عن نفسه؛ كما يجب الانتباه إلى لغة الجسد للمساعدة على فهم الآخر. هي دروس وحالات لاستيعاب الآخر، هي مساعدة الناس ليتواصلوا بعضهم مع بعض، فيلتقوا بمنطق المحبة والتفاهم والاحترام… وهنا لا يكون للإحراج أو للاستغباء مكان بين الناس، ولا للفهم الخاطئ، فلا يوجد سوى احتضان واحترام وحسن النية بين البشر.. والأهم أنه يوجد استيعاب لمعنى وجود (الآخر). الإصغاء، والاستماع، والتركيز، والانتباه، وتقبُّل رأي الآخر واحترامه، والتواصل معه، ولغة الجسد: كلها قابلة للتعلّم، وهذا ما تفتقر إليه مناهجنا التعليمية لننتقل من العمل الفردي إلى العمل الجماعي المثمر..

العدد 1107 - 22/5/2024