هل يستطيع المواطن إلغاء قرار إداري؟

هل يستطيع المواطن إلغاء قرار صدر عن جهة إدارية يضر بمصلحته، كقرار منع السفر الصادر عن وزير الداخلية، بناء على طلب موجه إليه من جهة إدارية أخرى؟ وما السبيل إلى ذلك؟

يستطيع الأفراد الطعن أمام مجلس الدولة بهيئة القضاء الإداري في القرارات الإدارية التي تمس حقوقهم المشروعة، حسب المادة الثامنة من المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 1959 الخاص بمجلس الدولة. وذلك إذا ما شاب هذا القرار إي عيب من العيوب التي تلحق بالقرارات الإدارية، والتي هي على سبيل الحصر (عدم الاختصاص – عيب الشكل – مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها – إساءة استعمال السلطة).

و كما جاء في المادة التاسعة منه أيضاً والتي تنص: (يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في المادة السابقة، إذا رفعت إليه بصفة أصلية أو تبعية).

إذاً يملك المواطن الطعن في القرارات الإدارية، بتوجيه دعوى إلغاء، أو التعويض عن قرار إداري. لكن مثل هاتين الدعويين لا توجهان إلا إذا توفرت الشروط التالية:

1-  يجب أن تكون الدعوى في مواجهة قرار إداري تنفيذي فقط، وهذا يستبعد القرارات التشريعية والقضائية وأعمال السيادة.

2-  يجب أن يكون المدعي أهلاً للتقاضي وفق القانون، وأن تكون له مصلحة شخصية ومباشرة في إلغاء القرار الإداري

3-  يجب أن ترفع الدعوى في المدة القانونية التي تستلزم رفع مثل هذه الدعوى، وهي ستون يوماً من تاريخ النشر أو الإعلان (التبليغ).

4-  يجب أن لا توجد طرق طعن أخرى موازية أو مقابلة، كاللجوء إلى القضاء العادي مثلاً.

يمكن اللجوء قبل رفع الدعوى إلى التظلم من القرار الإداري، وذلك بتوجيه طلب التظلم إلى الجهة الإدارية صاحبة الشأن، والتي هي الجهة الإدارية المصدرة لهذا القرار، أو الجهة الإدارية العلية المسؤولة عن هذه الجهة. كما لابد من رفع هذا التظلم خلال فترة ستين يوماً من تاريخ التبليغ أيضاً.

إن رفع التظلم إلى الجهة الإدارية المختصة يقطع مدة رفع الدعوى إلى مجلس الدولة، كما يجب على الجهة الإدارية الرد على طلب التظلم في غضون 60 يوماً. وإن عدم الرد على الطلب يعدّ رفضاً. وهنا وبعد مضي مدة فصل طلب التظلم تبدأ مدة رفع دعوى إلغاء القرار الإداري أمام مجلس الدولة التي تمتد لمدة 60 يوماً.

و في مثالنا هنا، وهو قرار منع السفر، يوجه الطعن وفق بند إساءة استخدام السلطة إذا كان هناك تعسف في استخدام هذه السلطة المعطاة لوزير الداخلية لأن مثل هذه القرارات هي أشبه بإجراء احترازي مؤقت. خاصة إذا كانت بسبب دعوى منظورة في القضاء ومرفوعة من الجهة الإدارية صاحبة الشأن في طلب منع السفر، آخذين بالحسبان الزمن الطويل الذي تقضيه مثل هذه الدعاوى في محاكمنا الموقرة، مما سيلحق الضرر ب غير المبرر بالمتهمين. لأن مجرد رفع دعوى لا يثبت الحق، والمتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم قضائي مبرم. لذلك لا يمكن تجريده من حق من حقوقه المدنية المكفولة وفق الدستور، ومنها حرية التنقل إلا مع الحكم في أصل النزاع إذا كان له مقتضى.

العدد 1107 - 22/5/2024