اكسر الخجل بمزيد من الثقة بالنفس

قد يحول الخجل دون نجاح الإنسان المأمول أحياناً، وكذلك الارتباك والتوتر الذي يصيب الشباب أثناء مقابلات العمل أو أمام الجنس الآخر أو  إثبات المهارات أمام طرف خارجي، أو عند خوض تجارب جديدة، أو حتى التعبير عن الذات أحياناً. فقد يلازم أداء الفعل شلل داخلي، فتكون نتيجة ذلك الفشل أو عدم تحقيق المراد، كما هو مخطط له.

يقول العالم النفسي (بيير داكو)في كتابه (الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث): (يتعذر تعريف الخجل تقريباً. وسبب ذلك أولاً أن الخجول محشو بالعناصر الشديدة التعقيد، وأن ثمة ضروباً من الخجل بقدر ما يوجد من الخجولين، ثانياً. وإذا حاولنا تعريف الخجل فإننا نذكر سمة يبدو أنها عامة لدى كل الخجولين: إن الخجل هو استعداد وجداني وانفعالي يتمثل في العلاقات بين الخجول والآخرين. إنه مرض وظيفي يتجلى بفعل ضرب من عدم التكيف المؤقت أو الدائم). ويقول أيضاً: إن هناك نماذج من الخجولين ومظاهر عامة لديهم: فيزيولوجية، وسيكولوجية.

وعن أسباب الخجل يقول داكو: (الخجل مكتسب، أي خجل سببته عوامل سيكولوجية عديدة، وغذته عوامل تراكمت وتكررت باستمرار. ومن هذه الأسباب الشائعة: أطفال غالى آباؤهم برعايتهم. وأطفال وهنت عزيمتهم بتأثير جو يغالي بطلب النضج. وأطفال أصابهم الإحباط بفعل نقص المحبة. وأطفال أصابهم الإحباط بسبب نقص الفهم كأن يكون الطفل مثالياً والآباء ماديين، التسلط). كل تلك الأسباب هي مسببات للخجل. ويقول: إن للخجل بكل أنواعه حلولاً في عالم الطب النفسي.

 وقال في الكتاب نفسه (إذا بحثنا في خوف الخجول، خوفه الرئيس، فإننا نجد خشية التهكم أو عدم الفهم). وقد تكون الثقة بالنفس رادعاً للخجل. فإذا كان الخجل قد تولد لدينا منذ الطفولة لأسباب نجهلها فهناك بعض الحالات التي نستطيع، وخاصة نحن الشباب، أن نتغلب عليها، كالحالات التي ترتبط بالتهكم من أشياء قادرين على إنجازها لنكون واثقين من عدم ارتباكنا وتوترنا خلالها (مثال: الخجل أمام المقابلات التي تخص العمل، أو الخجل عند لقاء أشخاص جدد).

وهنا يمكن أن نقف أمام حالتين وهما: المنظر العام الخارجي، وقوة شخصية الإنسان.

فقد يكون الخجل بسبب عدم معرفتنا قبول الآخر لمظهرنا: الشكل الخارجي، ملامحنا، هندامنا.وهذا يعتمد على الشخص واهتمامه بالمظهر الأنيق والمرتب أمام الآخرين، ومقدار تصالحه مع عدم المغالاة بالمظاهر.

والسبب الثاني والأهم هو قبول الآخر لنا عند تقديمنا لأنفسنا وطريقة تقديمنا، أي الثقة بما نقدم. فنحن الشباب نسعى لنتواصل مع الناس، يجب أن نؤمن بأن الناس يسعون لذلك أيضاً. ومن هذا المنطلق نكون على ثقة عند التعبير عن أنفسنا. وعندما نتقدم لأي عمل يجب أن نكون متمكنين فعلاً وبدقة من الخبرات التي يتطلبها العمل لنشعر بأقل ارتباك وخجل ممكن. فالثقة بالنفس هي العامل الأكبر المخفف من الخجل، عندما يكون الخجل طبيعياً وليس مرضاً نفسياً مستفحلاً.

ولهذا فإن الشاب الذي يسعى لأن يجابه الخجل ويثبت نفسه في الميدان الذي يرغب فيه، يجب أن يدعم خبراته بكل مجال يريد الخوض فيه عن طريق البحث والعمل، وأن يدرك أسباب أي خيبة أو عدم قبول له ليتداركها، ليكسب ثقة عميقة بكل ما يملك من قناعات وخبرات يتقدم بها، مجابهاً ما قد يربكه أو يسبب الخجل له أو يقف عائقاً أمام تحقيق رغباته.

العدد 1107 - 22/5/2024