عام مضى ومحاولات نعتزّ بها

عام مضى لا يتمنى السوريون أن يعاد مرّة أخرى بما حمله من بؤس وحزن جمع كل البيوت بمختلف انتماءاتها، ليكون الطابع العام هو (ينذكر ما ينعاد)، عام أظهر حجم المشاكل المختبئة في سورية ومساحة المستنقع الراكد الذي يبدو للوهلة الأولى مجتمعاً متحلياً بالأخلاق والعادات والتقاليد والأمن والأمان ليظهر على حقيقته ماءً آسنة لم تنبش قبل الآن. وما جرى هو تحريك هذه المياه، علّه الحراك الذي لا بدّ منه لتعقيم الفساد والضمير الملوّث وإدراك الزيف المخبأ تحت أسماء كبيرة كالعادات والدين والتقاليد والأخلاق الحميدة، لكنه أتى قاسياً مؤلماً نازفاً.

عام مضى ورغم ما حمل من المآسي كانت هنالك محاولات تنبئ بوجود ذلك المعدن الثمين في قلب وفكر الكثير من السوريين، وهو معدن يحتاج لمن ينقّب عنه ويغربله ليفصله عن المعادن الرخيصة.

ظهر الشبان-ات الذين هبوّا بعيداً عن ألمهم لدعم بعضهم بعضاً، لدعم الأسر التي عانت التهجير والنزوح والفقر، عمل الكثير منهم لأجل غاية واحدة: أن تحيا سورية بشعبها، فكان الهدف الأساسي هو تقديم الخدمات والمشاركات الوجدانية والإنسانية. كثيرون حاولوا البحث عن أسباب وحلول لما يحدث، فعملوا لأجل ذلك. فمنهم من ساهم في نبش القوانين التي عفا عنها الزمن، وحاول المطالبة بتغييرها والتفكير بأنماط جديدة من القوانين. ورغم الاختلاف في وجهات النظر إلا أن التعدد في الآراء كان إغناء لهذا المزيج الذي نفخر به في سورية. ومنهم من رأى في العمل المدني سبيلاً للحل، فكانت الجمعيات الأهلية ولو لم تحصل جميعها على تراخيص، إلا أنها حاولت أن تضع رؤى وأهدافاً ومشاريع بدءاً من صفحات على الفيس بوك، مروراً بمواقع إلكترونية، وليس انتهاء بالمباشرة على أرض الواقع بمشاريع خيرية إنسانية ثقافية اجتماعية. وأهم ما يلفت النظر في عامنا الماضي (الإغاثة) التي دعمتها أجيال مختلفة من السوريين بعملهم الدؤوب وحضورهم القوي. فكانت إغاثة من المنظمات ومن الجمعيات السورية ومن الهيئات الدينية والكشافة ومن لجان الحي، وهذا الأبرز الذي يظهر أهمية التطوّع والتنظيم وأهمية إشراك المجتمع المحلي في التغيير وإعادة بناء هيكلية المجتمع وإدارة الحي والبلدة.

وإذا كانت معظم البرامج التلفزيونية تضع اللقطات من أفضل ما قاموا به خلال عام مضى، فيمكننا هنا أن نضيء على صفحتنا (شباب ونساء)، وخاصة أنه مضى عام على نشأتها، فيمكننا أن نقول إن فريق العمل قد وضع خطّة على مدار العام أراد بها أن يضيء على القوانين التمييزية ضد المرأة، وأهم المعيقات في حياتها وعملها التي تعيق عملية النمو في الدول النامية ومنها سورية. وكان مهماً العمل على إعادة التعريف بالحقوق والواجبات من خلال القوانين السورية بزاوية (أعرف أحقي)، وقد شارك فيها عدد من المحامين-ات.كما كانت هنالك فقرة (شبكات تواصل) وهي التي نتواصل بها مع ما يجري على الأرض عن طريق النت، فيس بوك، يوتيوب، دراسات منشورة وتواصل مباشر من خلال اللقاء الفوري مع الناس… وفي زاوية (أنا أنكز) سلطنا الضوء على تفاصيل صغيرة، سلبية أو إيجابية، تقول يوجد خلل ما… أما التحقيقات والمواضيع فرصدنا من خلالها الكثير من القضايا والإشكاليات ولمسنا بعض الخلل وإمكانات الحلول من قبل المختصين… وما زلنا نأمل في العام القادم أن نقدّم الأفضل وكل ما هو قريب من الناس من هموم الشباب والمرأة والمجتمع، وأن نساهم في بناء لبنة في مسيرة الإعلام الحر.

العدد 1105 - 01/5/2024