آمال السوريين بين مطرقة الأمن وسندان الاقتصاد

عام بعد عام تمضي بنا الحياة، وعند نهاية كل عام وبداية آخر جديد، نودع العام الفائت بحزنٍ على أيامٍ مضت، ونستقبل الأمل الجديد القادم بأمنياتٍ ترسمُ الفرحَ على جدرانِ حياتنا، ونُتوِّجها عنواناً لعام جديد، واضعين فيه كل هواجس أحلامنا المؤجلة، التي نبحث عن تحقيقها بصورتها الزاهية والنبيلة التي يكون جلُّ طموحنا أن يتحقق جزء منها في عامنا الجديد في ظلِّ أجواء السلام والمحبة.

 فكثيرة هي الأمنيات التي تشرئب لها القلوب وهي تستقبل العام الجديد، وأهمها تلك التي تتعلق بالواقع السوري الراهن، وما يكتنفه من مخاطر واختلافات.. فقد وصل الحال في بلدي في العامين الماضيين إلى درجة غير مسبوقة: إذلال، تهديدات، ابتزاز…، وعن طريقة الخلاص من ذلك قال أحد العاملين في مجال الإغاثة: (لا خلاص من هذا الواقع الأليم إلا بالحوار، ونبذ جميع أشكال العنف، ونسيان ما خلفته الاختلافات من ردود فعل أتاحت المجال للمنتفعين للعبث بأمننا والمتاجرة بعيشنا. لذلك فلتكن أولى أمنياتنا في العام الجديد أن نبدأ عهداً جديداً من التضامن والتماسك لعبور الفجوة وردم الهوة التي صارت تفصل بين السوريين وأحلامهم في مستقبل كريم وآمن).

وفيما يتعلق بالسياسة يرجو السيد محمود مصطفى -الذي يعمل مديراً لأحد المواقع الإلكترونية- من القوى السياسية ترجيح مصلحة الوطن على مصالحها الخاصة، واحترام أفكار الجميع والابتعاد عن التخوين. فالوطن لجميع أبنائه، ويقول (إذا تحقق ذلك في العام الجديد فإننا نكون قد بدأنا بداية جيدة لصنع مستقبل أفضل لسورية)، وتابع مؤكداً أهمية الحوار الوطني في معالجة القضايا الوطنية الملحة وبناء الدولة الحديثة المدنية بما يتناسب مع مكونات المجتمع السوري، ويكفل استمرار العملية السياسية الجارية في خطواتها باتجاه تحقيق السلام وبناء الدولة، واستكمال عملية التسوية السياسية، بما يحقق العدالة، ويكرس الديمقراطية، الأمر الذي يحقق الاستقرار عن طريق الوفاق.

وتمنت الباحثة الاقتصادية الآنسة لينا ديب أن يكون العام الجديد عام خير على السوريين وعلى العالم بأسره، ورأت أن تحقيق الاستقرار في سورية سيهيئ الأجواء لمعالجة المشكلة الاقتصادية، وقالت: (يجب السعى لتأمين متطلبات المواطنين وحاجاتهم الأساسية، والنهوض بالقطاعات التنموية والخدمية على نحو يحقق التنمية الشاملة والمستدامة والمتوازنة بين جميع المحافظات، وذلك بالاعتماد على الذات وتعزيز مواردنا المحلية والعمل على الاكتفاء الذاتي من السلع  الغذائية، الأمر الذي يتطلب سيطرة وطنية على مقدرات الاقتصاد القومي وحشدها بديلاً عملياً من البحث عن بدائل خارجية، الأمر الذي تتيحه موارد سورية وإمكاناتها).

وبالنسبة للأسواق وأسعارها الجنونية قالت السيدة رولا من سكان ريف دمشق: (أرجو أن تعود الأسعار إلى ما كانت عليه قبل بدء الأزمة في آذار 2011 على أقل تقدير، فقد اكتفينا من ارتفاعها ومن احتكار بعض التجار وجشعهم، بذريعة ارتفاع أسعار الصرف)، وترى أن مشكلات سورية هي اقتصادية بالدرجة الأولى، من بطالة وغلاء وفساد ونازحين ولاجئين، وأردفت قائلة: (آمل أن تعود البسمة إلى العاصمة دمشق وتعود الطمأنينة للمواطنين من خلال إزالة جميع المظاهر المسلحة من الطرقات).

ومن ناحية أخرى قالت الآنسة سيما، الطالبة في كلية الآداب: (يجب أن يتحقق الأمن والاستقرار قبل كل شيء، فنحن لم نعد نأمن على أنفسنا، وأهلنا يقلقون علينا إذا ذهبنا إلى أي مكان، ويحرصون على عودتنا إلى المنازل مبكراً)، وشددت على ضرورة فتح الطرقات المغلقة لأنها سببت اختناقات مرورية ولم تمنع الأعمال الإرهابية.

فعلى الرغم من ألم العام المنصرم على سورية أَمِلت المدرّسة ميراي أن يكون العام القادم أفضل من سابقه، وأن ننعم فيه بالحب والفرح. وقالت: (آمل أن نتمكن من زرع البسمة على وجوه الأطفال السوريين ومساعدتهم على مسح دموع الحزن والفراق من عيونهم، كما نأمل أن يختفي الجياع والعراة من طرقاتنا، فنريده عاماً بعيداً عن الشقاء والحزن والأسى).

وأما الكاتبة إيلين الخوري فقالت: (يقف المرء محتاراً وهو يفكر بأمنياته للعام الجديد ،2013 فالمرء لا يعرف إلى أين تتجه الأمور، وهل ستتحقق الآمال أم لا، فكثير من الآمال انتكست وأصيبت بالخيبات). وترجو الخوري أن تشهد سورية تعدُّداً اجتماعياً يرسخ فكرة المجتمع المدني، واحترام الحريات العامة، بدءاً من حرية الفرد الإنسان في أن يعتنق ما يشاء من الأفكار ويمارس حرياته الشخصية. وتقول: (إن تحقيق ذلك يتطلب أن يتراجع الخطاب الإيديولوجي والديني الذي يكرس الأحادية والإقصاء والتكفير، ولا يرى الحقيقة  والصواب إلا في نفسه دون سواه).

فأحلامنا في العام القادم كثيرة لكن آمالنا بسيطة لا تتجاوز الأمن والاستقرار، هي أمنيات وآمال السوريين بسلام يعمُّ بلدَ السلام سورية، ويكون خيراً على أهل بلد الشمس، وحباً يملأ القلوب ويفرّحها ويغدق عليها النشوة والسعادة حاملاً معه المسرات التي تلوح ببريق الأمل.

العدد 1105 - 01/5/2024