ما بين الحوار الوطني والتسوية

قلنا ذات مرة إن الأزمة السورية مركبة ومعقدة، تتداخل فيها عوامل داخلية اجتماعية واقتصادية، وتتفاعل مع عناصر ومصالح خارجية، إقليمية ودولية.. وبالتالي فإن الحوار الوطني الشامل يتناول نصف الأزمة لا مجملها.. لأن العامل الخارجي رغم رفضنا المطلق له، فإنه يشكل عاملاً حاسماً في حل الأزمة.. ومهما كانت نسبة حسن النوايا ومنسوب التفاعل الداخلي معه، ومهما كانت نتائجه ولو بالإجماع الوطني، فهل ستحل الأزمة؟

هناك من يرى أنه لابد من (تسوية) مع المعارضة التي ترفض التدخل الخارجي بكل أشكاله، وهذه التسوية أو التوافق سيساهم في دعم موقف الدول المساندة لحل الأزمة السورية (روسيا، والصين، وإيران وغيرها)، وسيساهم في إحراج الدول المرتبكة (الولايات المتحدة، وأوربا وغيرهما)، والدول التي لا تريد إنهاء الأزمة السورية (إسرائيل، وتركيا، وبعض دول الخليج).. وهذا سيساهم في إبراز أهمية مؤتمر الحوار الشامل المزمع عقده من ناحية جسامة المهام وأهمية النتائج والمخرجات التي يجب إنجازها وفقاً لمبادرة السيد الرئيس، للوصول إلى رؤى مشتركة حول الأسس والأهداف العامة والاستراتيجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تؤسس للدولة السورية الحديثة، دول الكرامة والعدالة الاجتماعية بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وتحقيق الوحدة الوطنية في جميع المستويات، لتجاوز الآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تراكمت قبل الأزمة وبعدها.

وللوصول إلى نتائج جدية، لابد من نبذ عقلية المكابرة والمكاسرة، وروحية الانتقام والإقصاء والإذلال، ولابد من احترام الآخر والرأي الآخر، والصفح عند المقدرة قوة، والوطن يستحق أكثر من ذلك.

العدد 1107 - 22/5/2024