صرخة المرأة السورية من أجل السلام في اعتصام إلكتروني

يصادف الثامن من آذار من كل عام الاحتفال بيوم المرأة العالمي، وقد تحول هذا التاريخ لتقليد عالمي منذ ما يزيد عن القرن، على إثر مطالبة جموع من النسوة في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية بمسيرات احتجاجية على الظروف اللا إنسانية لعملهن. ومنذ ذاك التاريخ حظيت المرأة باهتمام جميع المنظمات والهيئات الإنسانية والأممية سعياً من أجل تمكينها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاعتراف بمكانتها ومساهمتها الفاعلة في الحياة العامة. وغدا إيجاد عدالة اجتماعية متوازنة بين أفراد المجتمع مطلباً إنسانياً وضرورة ملحة لتحقيق أفضل المكتسبات التي تمنحها حقوقها وديمومة عطائها. وسلكت سورية في هذا الطريق إيماناً بدور المرأة في نهضة المجتمع.

وعلى الرغم من الأزمة التي تعصف بسورية والتي جاءت خسارة المرأة فيها مضاعفة، إذ قدمت الكثير من السوريات أخاً أو زوجاً أو ابناً، قرابين ليعيش الوطن، على الرغم من ذلك آثرت مجموعة من النساء السوريات ألا يمضي الثامن من آذار دون أن يرسلن باقة من رسائل السلام إلى بلد السلام، إيماناً منهن بأن المرأة رمز لاستمرار الحياة.

فقد نظم ملتقى (سوريات يصنعن السلام) اعتصاماً إلكترونياً من أجل السلام في يوم المرأة العالمي، تحت عنوان: (صرخة المرأة السورية من أجل السلام)، وذلك كبداية لعمل مدني نسوي منظم ليس له طابع سياسي أو ديني، بل يهدف إلى بناء السلام وتأكيد رفض كل أشكال العنف، إضافة إلى تفعيل دور المرأة في بناء السلام، وذلك انطلاقاً من قرار مجلس الأمن رقم 1325.

عن الملتقى تحدثت السيدة نسرين حسن، العضوة المؤسسة بالملتقى ومساعدة المنسقة العامة عن الملتقى، في لقاء مع (النور) قائلة: (نحن حراك مدني سلمي بأشكال مختلفة). وكما ذكرت هو الأول من نوعه في سورية:  (ملتقى السلام النسوي هو الأول من نوعه في سورية، وكانت انطلاقتنا في شهر أيلول ،2012 ويضم الملتقى عدداً من النساء السوريات من مختلف المنظمات والجمعيات والانتماءات ومن جميع  المحافظات السورية تقريباً). وعن طريقة المشاركة بفعالية (صرخة المرأة السورية من أجل السلام) قالت السيدة نسرين: (ترتدي المشاركة قميصاً أبيض، وتحمل لافتة كرتونية مكتوباً عليها عبارة للسلام صادرة عن امرأة سورية. وأن تقوم بتصور نفسها وتحمل الصورة على صفحتها في شبكات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك). كما تحمّلها أيضاً على صفحات الملتقى بدءاً من مساء الخميس السابع من آذار). وأكدت أن النتائج كانت ممتازة كبداية، إذ تم تحقيق الهدف المنشود، ذاكرة أن كل النساء اللواتي تواصلن معهن شاركن وساهموا في دعوة أصدقائهن للمشاركة. وبالنسبة للمشاركات نوهت الحسن أن جميعهن كن مهمتمات، وكل سيدة أرسلت صرختها بكلمات تعبر عنها.

وأشارت العضوة المؤسسة بالملتقى ومساعدة المنسقة العامة عن الملتقى السيدة نسرين حسن إلى أهمية الإعلام الشعبي (كالفيسبوك)، وخاصة في مرحلة البدايات، من أجل بناء الثقة، وقالت: (عندما يتشكل لوبي ضغط كبير لا يستطيع الآخرون إلا أن يعترفوا به، وهذا ما نحاول فعله فيما يتعلق بالقضايا التي نؤمن بها كبناء السلام وحقوق النساء والأطفال).

ولدى سؤالها عما إذا كان المجتمع السوري مهيأً لتقبل مثل هذه الأفكار والفعاليات، قالت: (في الواقع كان عندي هذا التساؤل منذ يومين، وكنت أترقب معرفة حجم المشاركة، ولكنها فاقت توقعاتنا، وكأن سويّة الألم عالية جداً عند النساء في سورية، وكنَّ بانتظار من يشجعهن ليقلن ويعبرن عن رفضهن للعنف والموت)، وأضافت: (المرأة هي الخاسر الأكبر بمعادلة السلاح، وهي تدرك ذلك اليوم جيداً، وعليها أن تستعيد دورها الذي يحاول البعض سرقته منها. فالمرأة السورية على مرِّ التاريخ كانت فاعلة وموجودة، وهكذا يجب أن تستمر).

وفيما يتعلق بالخطوات المستقبلية للملتقى أشارت الحسن أن اعتصامهن اليوم هو خطوة من خطوات كثيرة في طريقهن، قائلة: (نحن بصدد التحضير لأن ننطلق بمجموعة فعاليات أخرى، ولكن فعاليتنا اليوم خطوة لكسب الثقة وبناء شبكة من النساء المؤمنات بثقافة السلام)، وقالت: (فمثلاً سنزرع الزيتون في عيد الأم، في رسالة تحمل السلام للمعمورة قاطبة).

على الرغم من مرور الثامن آذار حاملاً معه أمنيات الكثير من السوريات كتبن بكلمات جميلة وعبارات رنانة لتجوب الفضاء وتنثر السلام أينما وقع صداها.. إلا أن المرأة السورية لم تتحرر بعد من خوفها من الرجل ومن المجتمع ومن أحكامهما عليها.

والمرأة تبحث اليوم عن تحريرها من عبودية التبعية، وتودّ أن ينظر المجتمع إليها على أنها إنسان لا جسد لمتعة الرجل. فالمرأة بوصلة في تحريك الشعوب وبناء المجتمعات.. أعطوها حريتها قبل كل شيء ودعوها تقدم وتضحي.

العدد 1105 - 01/5/2024