مواجهة الإرهاب في مصر واجب وطني… وفي سورية «سفك للدماء»!

مساعدة الشعب السوري تتجسد في منع التدخل الخارجي  منع بث القنوات السورية فَضَحَ الديمقراطيين المزعومين

 الشعب السوري سيواصل نضاله من أجل التغيير السلمي

يبدو أن الرئيس المصري الجديد قد صدّق الكذبة الكبرى التي أسفرت عنها الانتخابات المصرية الأخيرة، التي حاكت فصولها من ألفها إلى يائها الدوائر الأمريكية الأوربية الخليجية التي أرعبها طوفان الغضب الكاسح لشوارع المدن العربية، طلباً للحرية والديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية. وهاهو ذا (يتفاصح) ويعظ في المسألة السورية، التي أصبحت (للأسف الشديد) موضوعاً لعظات جهابذة التغيير والديمقراطية من أحفاد الدولة الانكشارية المستعمِرة.. ومضافات (المطوعين) السعوديين.. وقاعات (الإيباك) المخملية في نيويورك!

إن مساعدة الشعب السوري ، تتجسد في منع التدخل الخارجي في الشأن السوري، بجميع أشكاله وتجلياته، بدءاً بالقصف الإعلامي المركز.. مروراً بالدعم المالي واللوجستي والبشري (المجاهد) لمن أرادوا فرض ديمقراطيتهم (الظلامية).. وانتهاءً بترك مسألة النظام السياسي لإرادة السوريين، الذين عبروا عن تطلعاتهم إلى التغيير السلمي نحو المجتمع الديمقراطي، دون وصايا من أحد.. ودون قروض بالمليارات.. ودون شطب لديون بالمليارات أيضاً.. ودون صفقة كبرى، كالتي أطاحت بآمال المصريين التوّاقين إلى عودة مصر إلى الصف المقاوم للاستعمار والصهيونية!

الشعب السوري يدرك تماماً يا (أخ) مرسي، أن قصوراً في النظام السياسي السوري جعله مرتهناً لممارسات قمعية، منعته من ممارسة حقه الديمقراطي، وحرمته من التعددية السياسية، وألزمته بالخضوع لقوانين استثنائية، لكنه يدرك أيضاً أن هذه المسألة تخصه وحده.. تخص عماله وفلاحيه ومنتجيه ومثقفيه.. تخص أحزابه السياسية المختلفة، تخص نقاباته ومنظماته الاجتماعية ومكوناته المتنوعة، ودينامية حراكها المتنوع الذي بدأ منذ عام ونصف، وهي قادرة على إجراء التغيير المطلوب عبر حوار وطني موسع تشارك فيه جميع القوى السياسية، وبضمنها المعارضة الوطنية في الداخل، التي أعلنت رفضها للعنف والطائفية والتدخل العسكري. البندقية يا سيادة الرئيس لا تصنع الديمقراطية في سورية.. والتدخل الخارجي لن يحمل إلا الدمار، والإرهاب سيبقى إرهاباً وإن استخدمه (المؤمنون).. والتعدي على الجيش الذي يمثل وحدة الشعب لن يأتي بالحرية، وإلاّ لِما حرّكتَ قواتكَ المسلحة لردع الفئات السلفية التي أزهقت دماء العسكريين المصريين في سيناء؟ فوفّرْ عظاتكَ (المدفوعة الأجر) لمن سيسأل من المصريين:

طالبنا بالديمقراطية.. فَأَعطونا رمزاً من رموز الانغلاق الفكري والسياسي.. وفتاوى المشايخ بنصرته..! من أين هبط علينا (الأخ) مرسي؟

في التاريخ الحديث مآثر كبرى، قادتها مصر العروبة بقيادة جمال عبد الناصر في مواجهة الاستعمار، ومشاريع الهيمنة الأمريكية الصهيونية على منطقة الشرق الأوسط، فعندما اخترعت الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي (فزاعة) الشيوعية المحلية والدولية، وعمدت إلى تشكيل الأحلاف، وتنظيم الانقلابات، ممهدة لخلق فضاء إقليمي يضم دول منطقة الشرق الأوسط، محاب للسياسة الأمريكية، معاد للاتحاد السوفييتي، يفتح المجال أمام قبول إسرائيل للدخول ضمن هذا النسيج. كان رد الزعيم المصري جمال عبد الناصر على هذا التدخل مأثرة وطنية ستذكرها الأجيال طويلاً، إذ ساعد حركات التحرر الوطني العربية على مقاومة الاستعمار، وأمم قناة السويس التي شُقت بأيدي أبناء الشعب المصري.. ودحر الشعب المصري بقيادته العدوان الثلاثي، وبنى السد العالي بمعونة الاتحاد السوفييتي، بعد أن نكث الغربيون بوعودهم لتمويل بنائه، وقاوم المخططات والأحلاف الأمريكية والبريطانية، ولم يثق بمعاهدة.. أو اتفاق مع العدو الصهيوني.

فأين الثرى من الثريا يا (أخ) مرسي؟!

لقد أرعب توافق المجتمع الدولي على الحلول السياسية للأزمة السورية، الجامعة (العربية) الذي ألقيت (عظتكَ) في افتتاح جلسة لوزراء خارجيتها منذ أيام، هذه الجامعة التي قطعت العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية، وطالبت المجتمع الدولي بأن يقوم بخطوة مماثلة، وعملت على تصعيد العقوبات الاقتصادية في محاولة لتجويع الشعب السوري، وأوقفت خدمات التواصل كالبريد والبرق والاتصالات والمواصلات الحديدية والجوية والبحرية، وحاولت كمّ الصوت السوري.. والكلمة السورية.. والصورة السورية، ونبض الشارع الرافض لأي تدخل أجنبي في شؤون بلاده، فصدرت الأوامر إلى إدارة القمرين (العربيين) والقمر المصري (نايل سات) لمنع بث القنوات الفضائية السورية التي تفضح تورط هؤلاء في سفك دماء المواطنين السوريين وتخريب بلادهم.

الشعب السوري، سيواصل نضاله السياسي والمطلبي من أجل تلبية مطالبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن أجل التغيير السلمي نحو المجتمع الديمقراطي.. العلماني، الخالي من هيمنة حزب ما.. وفئة ما.. وجهاز ما، ومن أجل مجابهة تحالف ردع سورية الدولي الذي تقوده الإمبريالية الأمريكية وشركاؤها في أوربا والخليج (العربي) وتركيا العثمانية الجديدة، هؤلاء الحالمون بسورية على (هواهم)، مستنداً إلى إرثه الوطني في معاداة الاستعمار والصهيونية، ومشاريع الهيمنة التي تقودها الإمبريالية الأمريكية، وسيعمل على تحقيق مصالحة وطنية شاملة، ويحاسب من قتل.. ومن دمر.. ومن هجّر.. ومن تمادى في استخدام العنف، وسيعيد بناء ما خلفته آلة التدمير (الظلامية)، وسيناضل من أجل تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تحقق النمو لقطاعاتنا الاقتصادية المنتجة، والدعم والعدالة للفئات الفقيرة.

هذا ما يناضل من أجله شعبنا السوري يا سيادة (الأخ) مرسي… فهل تغضب؟!

العدد 1105 - 01/5/2024