الوقفة الأخيرة للإخوان المسلمين… وملامح بداية عصر الإرهاب الأسود في مصر

لم يعد هناك سوى خط رفيع يفصل بين ما تفعله الجماعات المنتمية إلى تيارات الإسلام السياسي، لمساندة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وما يُعرف بأنه أعمال إرهابية من شأنها إحداث الضرر ببنية المجتمع. وعلى الرغم من وجود عناصر داخل الجبهة المعارضة لمرسي ترفض فكرة إعادة العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية واستخدام العنف مع مؤيدي الرئيس السابق، وهي عناصر كان أغلبها جزءاً من مظاهرات وأحداث على مدار الفترة الماضية، مثل أحداث محمد محمود ومحيط مجلس الوزراء وماسبيرو، وهي الأحداث التي لم تشارك الجماعة فيها ولم تؤمن بشرعية مطالبها، ولكن تظل هذه العناصر مؤمنة بأن المبادئ لا تتجزأ، وأن ما كان مرفوضاً يوماً ما لن يصبح مقبولاً عندما يكون الإخوان المسلمون هم الطرف الأضعف والأقل عدداً والأكثر عرضة للملاحقة والاعتقال.

وبرغم كل ذلك تظل العناصر الراديكالية التي ترفض فكرة التصالح أو المشاركة مع الجماعة في أي عملية سياسية هي الأعلى صوتاً والأكثر عدداً حتى الآن داخل الجبهة المعارضة لحكم الإخوان المسلمين. كما أن بدء انتشار العنف الاجتماعي جعل عدداً غير قليل من المواطنين غير المنتمين لأي تيار سياسي يساند بشدة بل ويطالب باتخاذ كل الإجراءات الاستثنائية المتاحة لوقف العنف والتصدي للتصرفات الهمجية وغير السلمية التي ينظمها بعض أتباع الجماعة، والتي بدأت تهدد النسيج الاجتماعي المصري.

كل هذه الأحداث كانت حاضرة في ذهن الفريق عبد الفتاح السيسي عندما دعا الشعب المصري إلى النزول إلى الشوارع كي يمنح الجيش تفويضاً يجابه به إرهاب جماعات الإسلام السياسي، بعد أن ارتبطت هذه الأحداث بعدة أبعاد رئيسية:

 

تصاعد العنف

إذ كشفت إحصاءات أن ضحايا أعمال العنف منذ 26 حزيران الفائت تجاوز 300 قتيل ونحو 3000 مصاب، وذلك بسبب استخدام الأسلحة البيضاء والرصاص الحي في الاشتباكات. وترافق ذلك مع ظهور أطراف تريد توتير الأجواء ودفعها إلى الصدام المسلح خدمة لمصالحها الخاصة.

ويُعد استهداف أقسام الشرطة بعبوات ناسفة تصعيداً خطيراً في تكتيكات العنف التي تستخدمها التنظيمات المسلحة. ويرتبط ذلك بتصاعد العمليات الإرهابية في شمال سيناء، واستهداف نقاط التمركز الأمنية والمنشآت العامة في رفح والعريش في شبه جزيرة سيناء، فضلاً عن استهداف المدنيين والاعتداء على دور العبادة، واغتيال بعض الكوادر العسكرية والأمنية.

 

تكتيكات استخدام الحشود

باتت جماعة الإخوان المسلمين تلجأ لتكتيكات جديدة في استنزاف قدرات قوات الشرطة والجيش، وذلك بتنظيم مسيرات غير معلومة الاتجاه، أو تقسيمها لمسيرات فرعية ذات اتجاهات مختلفة في محاولة لتشتيت جهود التأمين من قبل وزارة الداخلية، والتركيز على المناطق الشعبية، ومناطق تمركز التيارات المدنية لافتعال اشتباكات دامية، مثل ميادين رمسيس والتحرير والجيزة، ومناطق مثل شبرا وإمبابة ذات الكثافة السكانية والتنوع الديني، وتنظيم مظاهرات في مناطق مختلفة تتباعد جغرافياً لإرباك الشرطة، فضلاً عن محاولة استهداف السفارات الأجنبية لتصعيد الضغوط الخارجية على المؤسسة العسكرية، وتكرار اختطاف رجال الشرطة. وما كشفته بعض المصادر عن وجود مخططات لاقتحام منشآت حيوية مثل جامعة الدول العربية، واتحاد الإذاعة والتليفزيون، والمحكمة الدستورية العليا، ومعسكرات الأمن المركزي.

 

محاولة محاكاة النموذج السوري

تكشف تصريحات قيادات جماعة الإخوان المسلمين عن النزوع المستميت لمحاكاة النموذج السوري، وخاصة الادعاء بوجود انشقاقات في القوات المسلحة، أو استضافة أشخاص يرتدون اللباس العسكري المصري في التظاهرات، إلا أن التطور الأهم تمثل في عقد ممثلي التيارات الإسلامية بمجلس الشورى اجتماعًا في رابعة العدوية، وإعلانهم تكوين حكومة موازية، بما يهدد بتقويض مسار المرحلة الانتقالية في حال اعترفت بعض الأطراف الدولية بهذه الحكومة.

وفي المقابل هناك اعتقاد سائد لدى الإخوان المسلمين بأن الضباط الصغار والجنود في الجيش يدعمون فعلياً شرعية الرئيس المعزول محمد مرسي، وليسوا بالضرورة من المنتمين إلى الجماعة نفسها، لكنهم في النهاية سيقفون في صفهم، أو على الأقل لن ينفذوا الأوامر الخاصة بالقضاء عليهم. وقد يبدو هذا أمراً غير قابل للتكذيب، لأن الغموض يلف الموقف الحقيقي للضباط الصغار والجنود، وإذا حصل مثل هذا السيناريو فسيكون أشبه بطعنة قوية في الخاصرة الرخوة لجنرالات الجيش المصري.

 

محاولة استجرار الضغوط الدولية

أدى استهداف مؤيدي الرئيس السابق أمام مقر الحرس الجمهوري إلى إعلان الولايات المتحدة تقسيم المعونة الأمريكية لمصر إلى أربع شرائح، وربطها بالتقدم في المسار الديمقراطي. ومع استمرار التوتر في الشارع أُجّل تسليم طائرات F-16 لأجل غير مسمى، وترافق ذلك مع تصعيد الضغوط الدولية للإفراج عن الرئيس السابق التي كان آخرها تصريحات الخارجية القطرية التي عدّت استمرار احتجاز مرسي تهديدًا لمكتسبات ثورة كانون الثاني 2011.

ويبدو أن الولايات المتحدة قد قررت أن تنأى بنفسها عن الأزمة المصرية، إذ أكدت واشنطن يوم الجمعة 26 تموز الجاري أنها لن تتخذ موقفاً بشأن الأحداث في مصر، وما إذا كان عزل الجيش للرئيس محمد مرسي يعد (انقلاباً عسكرياً)، وذلك تجنباً لوقف مساعدتها العسكرية لهذا البلد. وقد صرّح مسؤول في إدارة أوباما طالباً عدم ذكر اسمه بأن (القانون لا يشترط علينا أن نحدد رسمياً ما إذا كان ما حدث انقلاباً، واتخاذ هذا الموقف ليس في صالحنا القومي).

ولكن ما هي الأسباب التي جعلت الشارع المصري ينقلب على الإخوان، ولتندفع الأمور بسرعة نحو الصدامات في الشوارع، لدرجة يضطر فيها قائد الجيش المصري لطلب تفويض شعبي كي يتمكن من مجابهة إرهاب هذا التنظيم وحلفائه؟

 

الديمقراطية من وجهة نظر الإخوان

فَهِمَ الإخوان المسلمون في مصر الديمقراطية على الشكل التالي: بما أنهم قد جاؤوا إلى السلطة عن طريق صندوق الانتخابات، فإن الطريق الوحيد لخروجهم من الحكم هو الانتظار إلى نهاية مدة ولايتهم الدستورية ثم إسقاطهم في الانتخابات القادمة. لا يهم إن بدا فشلهم في إدارة شؤون البلاد منذ اللحظات الأولى، ولا يهم إن بدؤوا في تغيير شكل الدولة ونظامها والتمهيد لإثارة الفتن وإشعال الحرائق الطائفية والمذهبية فيها، أو جرّها إلى مستنقع الخراب عبر بيع أراضيها لمستثمرين أجانب، وإفقار أهلها وإهدار كرامتهم ودمائهم وإعادتها مئة عام إلى الوراء. كل هذا لا يهم ما دام المواطنون قد قرروا منح أصواتهم، في انتخابات حرة ونزيهة، لممثلي الجماعة، بعد أن اختار المواطن الشيطان الأصغر (ممثل الإخوان) هرباً من الشيطان الأكبر (ممثل النظام السابق في مصر). ممثل الإخوان في رئاسة الجمهورية، السيد محمد مرسي العياط، أقسم بالله العظيم ثلاث مرات متتالية بأن يحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري في مصر، وأن يحترم الدستور والقانون وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه… وعلى ما يبدو في نهاية المطاف أن السيد مرسي قد صام تسعة أيام كاملة كفارة عن الأيمان الثلاثة التي قطعها ولم ينفّذها.

 

الإخوان وحدهم لا يريدون شريكاً لهم

يُقدّم الإخوان أنفسهم محاورين منفتحين فكرياً على الآراء الأخرى، مستندين إلى تجربة طويلة وحافلة بالدروس والعبر، ويحاولون الظهور بمظهر المتقبلين (للرأي الآخر) وليسوا أصحاب الحق الشرعي في الدنيا والآخرة. ولكن عند كل حدث واستحقاق سياسي نرى ما يشبه حالة الحرب التي يحشد لها الإخوان أنصارهم ومحازبيهم ويحاولون خوضها كأنها المعركة الأخيرة قبل النصر التاريخي على (أعدائهم). وسبب ذلك أن الإخوان قد وصلوا إلى السلطة بأسرع مما كانوا يتوقعون، وبكلفة أقل مما قدروا، نتيجة التباسات عديدة أبرزها الانهيار المباغت لأنظمة الحكم التي زارها (الربيع العربي)، وعدم وجود بديل قادر على ملء الفراغ الناتج عن الفراغ الذي نتج في السلطة. فتمكنوا من السيطرة على المشهد السياسي اعتماداً على قدرتهم التنظيمية المشهود لها بالكفاءة، بسبب عملهم السرّي طيلة عقود طويلة، وتشتت قوى المعارضة القومية والليبرالية والعلمانية وعدم قدرتها على توحيد صفوفها خلف قيادة مؤهلة قادرة على تقدم الصفوف ووضع الخطط ورسم المستقبل. كل هذه الأسباب جعلتهم يكشفون بأسرع مما كان مقدراً عن نزعة متأصلة فيهم للهيمنة على السلطة بغير شريك. فخادعوا من يرغبون في تحييده كالغالبية الصامتة في مجتمعات تلك الدول، وتواطؤوا مع بعض القوى السياسية ضد من كانوا يرون فيهم أمارات تدل على القيادة والرياسة، وتبنوا خطاباً ملتبساً يوحي لخصومهم بأنهم قد تغيروا وخرجوا من صورتهم التقليدية المتزمتة إلى أفق الحوار والتسليم بمبدأ الديمقراطية مع الشركاء في الوطن من مختلف الأديان والمذاهب.

وفي مصر، تجاهل الإخوان المسلمون حقيقة مهمة، وهي أن المراحل الانتقالية التي ترث أعباء كبيرة ومشاكل خطيرة من العهد السابق، تتطلب التوافق الوطني. لكن الشعارات التي رفعها أفراد (أهل وعشيرة مرسي) في التظاهرات المؤيدة له حفلت بعبارات تثير القلق وتعبر عن مدى استخفاف هؤلاء بالآخرين، باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، إذ عادت الشعارات التي تعدّ الزعيم منزّهاً عن الخطأ، وجماعته هم (أشرف الناس وأفضلهم)، واتهام خصومهم من المعارضين بأنهم علمانيون كفار أو خارجون على الشريعة مرتدّون عن صحيح الدين.

حاول الإخوان فرض منظومتهم العقائدية على الدولة تمهيداً لإقامة دولة ثيوقراطية بغلاف مدني، لكن هذا المسعى اصطدم بحاجزين. الحاجز الأول والأهم كان الأقباط الذين حاول الإخوان إخضاعهم لقيود تمييزية تمنعهم من الاندماج الكامل في مشروع الدولة بعد ثورة 25 كانون الثاني 2011. أما الحاجز الثاني فيتمثل في فكر الإخوان نفسه الذي يتعارض مع عادات المجتمع المصري وتقاليده، هذا المجتمع الذي يؤمن بالدولة والثقافة المدنية. وهكذا دفع الإخوان عبر سلوكهم السلطوي إلى تقسيم المجتمع المصري اجتماعياً لا سياسياً، فقد بدأ الصراع يدور حول أمور الحياة اليومية ونمط المعيشة بدل أن يكون التنافس سياسياً وفكرياً حول كيفية إدارة الدولة وتنميتها وتطويرها.

 

الفخ الأمريكي

لا يختلف اثنان على أن وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في تونس ومصر كان جزءاً من صفقة أمريكية تركية، لكن السؤال المهم هو: هل كان سماح الأمريكيين بوصول الإخوان إلى الحكم يهدف إلى تعريتهم وتمهيد الطريق لحرب أهلية في تلك البلاد، أم إن الهدف أبعد من ذلك ويرتبط بالصراع مع روسيا والصين وموقع تركيا في ذلك الصراع المرتقب؟ ذلك أن تيارات الإسلام السياسي عموماً والإخوان خصوصاً عادَوْا الأنظمة القائمة في بلادهم منذ انطلاقة تنظيمهم الأم على يد حسن البنا. وعلى الرغم مما تعرضوا له من اضطهاد وسجن ونفي، لم تستطع تلك الأنظمة القضاء على فكرهم، بل على العكس ساعدت على ظهور أفرع متشددة وعنيفة. ولكن وصولهم إلى الحكم كان الضربة القاضية لهم، لأنه قد كشف عن شبق شديد للسلطة، وطموح لإقامة دكتاتورية دينية أقسى من تلك التي أطاحت بها رياح (الربيع العربي).

وهنا نستطيع القول إن واشنطن قد نجحت في تقديم الصورة الحقيقية لتيارات الإسلام السياسي التي أرعبت الرأي العام العربي والدولي. فما عجزت الأنظمة العربية عن تحقيقه خلال عشرات السنين قد حققته واشنطن خلال عامين وجعلت شعوب بلاد الربيع العربي تثور مجدداً لمنع أسلمة البلاد.

يؤكد وجهة النظر هذه ما ذكره الكاتب جان عزيز في جريدة (الأخبار) اللبنانية حين قال في مقالته (واشنطن: حرب شيعية بضحايا سنية؟): إن واشنطن منذ عقد ونيّف تضحك على كل هذا العالم السني. هي منذ زلزال 11 أيلول تناور على السنة في كل العالم. هي لم تغفر تلك اللحظة، لم تنس الاعتداء الثالث في التاريخ على أرضها، منذ كانت (أمة عظيمة). وهي مذ ذاك قرّرت الانتقام من فاعليه، والاقتصاص من مرتكبيه. لا من رفاق محمد عطا، وتلاميذ عبدالله عزام، وجهاديي أسامة بن لادن وحسب. بل هي منذ سقط البرجان، قررت أن تُسقط المنظومة الفكرية والسياسية والاقتصادية التي تعتقد وترى أنها كانت خلف هؤلاء، حاضنة لهم، منبتة لأفكارهم، وحقلاً ليُنوع جهادهم ونضوج سلوكهم.

وفي المقابل يرى الكاتب لؤي المدهون في مقالته: (الانقلاب على مرسي… تجديد لدوامة فشل سياسي مصري) المنشور على موقع قنطرة للحوار مع العالم الإسلامي… أن التحالف المضاد لمرسي قد أضاع فرصة تاريخية يتم فيها ترك الإخوان المسلمين، أبرز ممثلي الإسلام السياسي، يفشلون سياسياً. وبدلاً من ذلك، فقد مُنِحَ الإسلاميون الفاشلون أساساً ذريعة للعب ورقة الضحية مجدداً. وبعد التجربة التي عاشتها الجزائر سنة 1992 حين قام جنرالات الجيش بالانقلاب على جبهة الإنقاذ الإسلامية بعد فوزها بالانتخابات، وبعد تجربة القاهرة سنة ،2013 سيزعم الإسلاميون من التيار السائد أن مصيرهم بعد الفوز في انتخابات ديمقراطية سيكون دائماً إما إفشالهم أو الانقلاب عليهم.

 

مصر إلى أين؟

يبدو أن استمرار التصعيد على المدى القريب قد يكون المسار المحتمل للتطورات الراهنة في ظل استمرار التناقضات السياسية، وعدم وجود قنوات فعّالة للتفاوض تساعد على الخروج من المعضلة السياسية الراهنة، وفي ظل ظهور توجهات لبعض الأطراف لإقصاء وتصفية الوجود السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وفي مقابل وجود أطراف من تيارات الإسلام السياسي تريد العودة إلى الحكم ولو كلّف ذلك خوض بحور من الدماء المصرية، مما يعزز المخاوف من إعادة إنتاج مرحلة ما بعد اغتيال السادات التي ترافقت مع ملاحقات أمنية، وإغلاق مساحات العمل السياسي، الأمر الذي قد يدفع للصدام، وربما اللجوء للعنف لاحقاً، مع فقدان سياسة الحشد والاعتصام في الضغط على شاغلي السلطة، وعدم تحقيق المليونيات لتأثيرها المرجو في الضغط على الشارع المعارض للإخوان. ويبقى الحفاظ على قدر من التعاطف الشعبي مع الجماعة بالتوازي مع تكرار الاشتباكات العنيفة تحديًا للاستمرار في هذه الاستراتيجية.

وعلى مستوى الضغوط الدولية، فإن درجة احتدامها ستتلازم مع تصاعد أعمال العنف والاشتباكات، أو درجة استخدام القوة في فض تجمعات الإخوان، أو الاعتداء على المتظاهرين، ومن الممكن أن تتلاشى هذه الضغوط كلما تقدمت العملية السياسية بثبات، وحافظ القائمون على السلطة على التوافق الداعم لاستمرارها مع مد قنوات فعّالة لإعادة دمج جماعة الإخوان المسلمين في العملية السياسية، وتحقيق المصالحة الوطنية. مع الأخذ بالحسبان الدعم الخليجي، عدا قطر، غير المحدود للنظام القائم الآن في مصر.

في المقابل يبدو أن مآل العملية السياسية الراهنة هو الاستمرار على الرغم من الانتقادات للإعلان الدستوري والتشكيل الوزاري في محاولة لإثبات الالتزام باستيفاء استحقاقات المرحلة الانتقالية، وتحقيق حد أدنى من الاستقرار السياسي. ويبقى فض الارتباط بين التصعيد الاحتجاجي في القاهرة والمدن الرئيسية ونشاط التنظيمات الإرهابية في سيناء تحدياً جوهريّاً، إضافة إلى تحدٍّ آخر أكثر خطورة يرتبط بعدم الانجراف في رد الفعل الأمني على الاحتجاجات لاستخدام القوة المسلحة، أو التورط في أعمال قمع المتظاهرين، للحفاظ على دعم مختلف الأطراف لاستمرار العملية السياسية، وقد يسهم الحد من الإجراءات الاستثنائية التي لا تستند إلى أسس قانونية وأحكام قضائية نزيهة وشفافة وبعيدة عن روح الانتقام والتشفّي في تخفيف الانتقادات الداخلية والدولية، وتعزيز الثقة بالقائمين على السلطة، الأمر الذي سيؤدي إلى تمهيد الأجواء لبدء المصالحة الوطنية.

العدد 1104 - 24/4/2024