حراك سياسي مشوب بالدم.. يتباطأ العالم والموت أسرع

تشجع الحراك السياسي في سورية، تعالت الأصوات، وانعقدت مؤتمرات واجتماعات، وكادت أن تصرّح عن مكنوناتها النيات. ولولا اصطباغ الساحات والطرقات بالدم لَحَسِبَها المتابع، الولادة أخيراً، أو بداية الطريق إلى الانفراج. لكن .. لا يصح اعتبار ما جرى، كأنه لم يكن، ولا التقليل من أهميته، وإن بدا متواضعاً في نتائجه. وبالطبع ومن باب أولى، لا يصح اتهامه بالغفلة أو المؤامرة؟!

التقييم ضرورة، ولا بد من الموضوعية أو محاولة الموضوعية على الأقل، فما حصل حقق نتائج بحصوله وقل أن يؤتي أُكُلاً ربما كانت منتظرة. أما أن يتصدى للحراك من هو مدعو ليواجه الظرف بصورة أكثر التصاقاً – كما هو مفترض –  ويقعد عن عقد أي مؤتمر يعلن فيه عن تحمله لمسؤوليته في مواجهة الظرف التاريخي الشديد الخصوصية والخطورة، متهماً الحراك بقصور النظر والعجز وربما الخيانة، فهذه استجارة من أداء الواجب بالغناء الحزين على هوامش – ربما –  العجز.

مؤتمران لتجمعات وأحزاب سياسية معارضة بحثاً عن الإنقاذ،والأحزاب الحاكمة، كما هو مفترض، أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وخصوصاً حزب البعث العربي الاشتراكي، لم يتشكل لديها بعد ما يستوجب مؤتمراً تعلن فيه جديدها للتصدي لما تصفه بالمؤامرة؟! وتسرع بعد ذلك لقراءة الحراك الحاصل وتوصيفه وغالباً إما تهميشه و إما اتهامه؟!

هذا في الداخل ليعلو صوت الرصاص وينتشر أكثر الاصطباغ بالدم. أما في الخارج ورغم أننا لا نرى الخلاص قادماً من هناك، فنكاد نشهد حركة على محور المراوحة وتكرار التجارب بما يكفي لإخفاء النيات وعلامات الرضا عما يجرى. خراب سورية هدف أكيد لكثير من الحراك الدولي المزعوم، والموت المتعجل علينا أسرع من كل خطواتهم، لكنهم لا يرون في ذلك أي إحراج لحراكهم الذي لم يعدّ بعد؟! رغم همة الإبراهيمي بعد عنان والدابي، ومهارة نبيل العربي وإشراقة الرئيس المصري وإنذارات أردوغان المتكررة، والقضاء والقدر لا راد له في جبروت بن خليفة و حذلقة الأمين العام للأمم المتحدة.

لكأنكِ يا سورية نصف العالم! بما يستوجب كل هذه الحرب الخارجية الداخلية المالية الاقتصادية الإعلامية العسكرية المسلحة، وتصمدين رغم الموت القادم من كل اتجاه وأسرع من الجميع.

العدد 1104 - 24/4/2024