من جهاد النكاح إلى نكاح المحارم… إلى أين نحن ذاهبون؟!

كثر الحديث عن الفتاوى التي تحدثت عن أنواع الجهاد المتبعة في سورية بين صفوف (المجاهدين) أو الذين سماهم البعض مجاهدين. وتناولت وسائل الإعلام هذه الفتاوى وما يجري على الساحة السورية من جذب للمزيد من المجاهدين عن طريق العلاقات الجنسية. وأهم ما شغل الرأي العام منذ بداية 2012 هو جهاد النكاح، الذي أفتاه  الشيخ العريفي على صفحة التويتر الخاصة به، وهي تقول  بأن يقدّم النساء أجسادهن كنوع من الجهاد عن أنفسهن، لأولئك الذين نذروا أنفسهم للجهاد في سبيل الله. وتبين فيما بعد عدم صحة هذه الفتوى في لقاء معه على عدد من المحطات التلفزيونية، ومنها قناة (الجديد).  وبعد التدقيق الذي قام به متخصصون تبيّن أن التويتر لا يستوعب عدد الأحرف التي جاءت بها هذه الفتوى، فهي تفوق ال 140 حرفاً المسموح بها في تغريدة التويتر ما يعني أنها مزوّرة، وما كانت تلك اللقاءات التي جرت مع مجاهدات تونسيات إلا مثار جدل في دقتها وصحتها. فقد خرج الكثير من التونسيين يرفضون هذا الاتهام عنهم.

 ومنذ فترة ظهر نوع من الجهاد في سورية، وهو جهاد المحارم أي بين الإخوة أو الآباء والأبناء وغيرهم ممن هو محرم بالشرع والدين، لتخرج الوسائل الإعلامية متناولة كالببغاء هذا الموضوع متداولة ما أتى به أحد الإعلاميين دون أن يقوموا باستقصاء حقيقي حول الموضوع. وهكذا كل يوم تظهر فتوى أغرب مما سبقتها عن أنواع الجهاد وكله يتعلق بالعلاقات الجنسية والفتاوى الشرعية، وهذا يصيب القضية الأساسية التي ندافع عنها في مقتل. فهل تحتاج الحرب ضد الإرهابيين لاستخدام تلك الإشاعات لتدعم ما تريده الدولة؟ وهل يدرك من يخرج مثل تلك الإشاعات أو يتعامل مع تلك المعلومات إن كان جزء منها حقيقة على أنها معلومات تطول السوريين، وأنه بذلك يشوّه سمعة الشعب السوري؟

فإن سلّمنا بمفهوم الجهاديين في سورية، فهم في معظمهم سوريون، أي من الشعب السوري وتشويه سمعتهم بهذه الطريقة يطول الشعب كلّه. فمن هم الذين يقبلون بجهاد المحارم؟ ومن هم الذين لا يمانعون في استخدام أخواتهم أو أمهاتهم في الوصول إلى غاياتهم، وهم يحاربون تحت مسمى الجهاد الذي هو لأجل الله بحسب معتقداتهم؟ ومن صلب الدين عدم التزاوج بين المحارم وهو محرّم شرعاً، وغير ذلك من المحرمات. يمكننا أن ندافع عما نريد بطريقة شريفة، وعلى الإعلام ألا يخوض في لعبة قذرة تزيد الشرخ بين أبناء المجتمع الواحد. إذا كان الحق معنا فيمكننا الوصول إليه دون أن نستخدم أساليب لا تتفق مع أخلاقنا. يجب أن نتعامل بأخلاقنا لا بأخلاق من نحاربهم، وهذا يحتاج إلى الجهد والعلم والمزيد من البحث والتقصي، فالقضية المحقّة تستحق دفاعاً محقاً.

العدد 1107 - 22/5/2024