الحكومة تخفض الإنفاق الاستثماري مئة مليار ليرة

استمرار التوجه في الطريق الخطأ

 تصر الحكومة على اتباع طرق لا تؤدي إلى تحقيق التنمية، وبدا ذلك واضحاً في بيانها المالي الذي قدمته في مطلع هذا الأسبوع في مجلس الشعب، بعد أن أقرت الأسبوع الماضي مشروع الموازنة العامة للدولة للعام القادم، إذ رصدت 275 مليار ليرة اعتمادات للإنفاق الاستثماري، بانخفاض وصل إلى 100 مليار ليرة مقارنة باعتمادات العام الجاري الاستثمارية.

وإذا كانت الحكومة ترى أن الظروف التي تشهدها البلاد تحتم عليها خفض الإنفاق الاستثماري، فإن مجمل هذه الظروف تستدعي اتخاذ موقف مغاير تماماً، وتتطلب زيادة الإنفاق الاستثماري إلى الحدود التي يحتملها الاقتصاد الوطني، وتكون كفيلة بتحقيق التنمية المنشودة، والقادرة على خلق فرص العمل المناسبة، وتمكين الاقتصاد من مواجهة التحديات المختلفة التي تواجهه، لا سيما لجهة نقص الإيرادات، وتعطل الاستثمارات، وتوقف التجارة… إلخ. ما يتطلب أن تعود الدولة لممارسة دورها الرعائي في الحياة الاقتصادية، وزيادة حجم تدخلها في الاقتصاد، بغية المحافظة على عناصر قوة هذا الاقتصاد وتعزيزها ومعالجة نقاط الضعف. وتحتم الظروف زيادة الإنفاق الاستثماري لا خفضه.

وماقدمه وزير المال تحت قبة مجلس الشعب من مبررات لخفض هذا الإنفاق بقوله: (إن ذلك بسبب التركيز على المشاريع المباشر بها وذات الأولية وتراجع نسب التنفيذ للجهات العامة للدولة بسبب انخفاض التمويل الممنوح، نظراً للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد) – غير مقنع، ولا يعدو كونه ذراً للرماد في العيون. إذ إن جميع القوى تطالب منذ سنوات طويلة بزيادة الإنفاق الاستثماري، وعدم الاتكاء على ما يرغب القطاع الخاص في استثماره، ليكون شريكاً بالتنمية. وتجربة السنوات القليلة الماضية في هذا المجال ثبت فشلها الذريع، بعد أن تلطّى ممثلو القطاع الخاص خلف ذرائع واهية كثيرة ليتنصلوا من التزاماتهم التي قدموها للمشاركة في التنمية.

واقع الاقتصاد الوطني يفرض بما لا يدع مجالاً للشك، زيادة الإنفاق الاستثماري، وتوجيهه نحو قطاعات الإنتاج الحقيقية، لمواجهة التحديات الهائلة التي تقف أمام الاقتصاد السوري، الذي أنهكته كثرة التجارب ومحاولات التجريب.

العدد 1105 - 01/5/2024