حكاية بنت الشهيد

نعم.. أنا هي،

أنا هي تلك البنت التي سُلبت طفولتها عنوة يوم كفكفت دموع قهرها بعلم بلادها المسدل على نعش والدها الشهيد، يوم اصطبغت عبراتها حمرة  كلون دمه الذي  روى به أرضاً  منها نبت، وإليها آب إياب الخالدين.

أنا التي ابتهلت إلى الله أن يُسكنه فسيح جنانه.. أن يسقيه من عذب كوثره، نِعم الثواب لمن قدم روحه قربانا  ليصون جنتنا التي أرادوها جحيماً .. فخسئوا.

فارقَنا نعم.. لا رقماً في نشرة أخبار، أو صورة على جدار.

تركَنا نعم.. ولكن لا أيتاماً كما توهموا، فليس من له وطن كوطني بيتيم.

وطن  لطالما احترقت له شموع، لتبدد بنورها ظلام الظالمين.

غداً سيدرك هؤلاء أية حماقة ارتكبوا، أية كأس  قد تجرعوا.. أية لعنات سوداء ستحلّ بهم، لعنة الوطن.. لعنة الأرض.. ولعنة السماء.

غداً.. سأحكي لأطفالي قبل النوم، حكاية عن بطل أبى إلا أن يقارع الوحش في عقر وكره، لئلا يخرج منه يوماً فيشوّه بقبحه أحلام الصغار وآمال الكبار .

سأقول لهم كل صباح.. عندما يمضون إلى مدارسهم حاملين المستقبل المشرق في حقائبهم: امضوا يا أحبتي آمنين.. لا تخافوا.. ما من وحشٍ،

فقد صرعه يوما  جدّكم الشهيد.

العدد 1105 - 01/5/2024