(وطني مجروح وأنا أنزف… خانتني حنجرتي فاقتلعتها… أرجوكم لا تخونوا وطنكم!) نضال سيجري… وداعاً!

(وطني مجروح وأنا أنزف. خانتني حنجرتي فاقتلعتها. أرجوكم، لا تخونوا وطنكم!).. كان هذا آخر ما كتبه نجم الكوميديا السورية الفنان الراحل نضال سيجري، على جدار صفحته الشخصية في موقع (الفيسبوك).

في يوم الخميس الماضي (11 تمّوز) فقدت الساحة الفنية الفنان نضال سيجري عن عمر يناهز الثامنة والأربعين، بعد رحلة من المعاناة مع مرض السرطان.

عانى فناننا الراحل في السنوات الأخيرة من ورم سرطاني في الحنجرة، أدى إلى استئصالها، ما أبعده عن الساحة الفنية قليلاً، وكان آخر عمل قدمه بصوته هو الجزء الثاني من المسلسل الكوميدي (ضيعة ضايعة)، من تأليف ممدوح حمادة وإخراج الليث حجو، مقدّماً أداءً لن يمحى من ذاكرة السوريين، عبر شخصية (أسعد خرشوف). ليظهر بعدها – في رمضان الماضي – في دور صامت في مسلسل (الخربة). كما تعاون فنياّ مع المخرج الليث حجو في هذا المسلسل. وشارك بعد ذلك بدورين صامتين في مسلسلي (الأميمي)، و(بنات العيلة). وتعاون مجدداً مع حجو في (أرواح عارية). وكان آخر عمل حمل توقيعه للموسم الدرامي الحالي هو مسلسل (سنعود بعد قليل)، الذي قام فيه بمهمة التعاون الإخراجي مع الليث حجو.

ويشهد كل من عرف الفقيد أنه كان ذا روح طيبة مليئة بالحب والأمل، وموهبة استثنائية، وأنه أخلص لمهنته باقتدار، وأنه بقي يواجه مرضه العضال بمعنويات عالية، وظل يضحك ويوزع الأمل أينما حلّ، ويدعو السوريين دوماً إلى المحبة إلى أن قضى عليه المرض الخبيث.

ولطالما اتخذ نضال من صفحته على موقع (الفيسبوك) منبراً، لمخاطبة أصدقائه للحوار، ونبذ العنف، مفتتحاً خطابه لهم بعبارة: (يابني أمي)، كما كان لاسم سورية وقع خاص في كلماته حينما يناديها ب(أمنا العظيمة سورية).

وكان أن حقّق الراحل في عام 2011 فيلمه التلفزيوني الأول (طعم الليمون)، الذي تناول فيه يوميات عائلات لاجئين فلسطينيين ونازحين سوريين من الجولان السوري، إضافة إلى مهجرين عراقيين اجتمعوا في منزل واحد، في حي فقير، في مخيم جرمانا بريف دمشق.

كما كانت له مشاركات متميزة في العشرات من الأعمال المسرحية ممثلاً ومخرجاً، وهو ما أهله للتكريم في إطار الدورة الخامسة عشرة لمهرجان دمشق المسرحي في 2010.

 

رثاء إلكتروني..

منذ الساعات الأولى لإعلان خبر وفاة نضال، تسابق الأصدقاء والزملاء والمعجبون إلى اختيار صور للفقيد لنشرها على جدار صفحاتهم بديلاً من صورهم الشخصية، ونعاه الجميع كمن ينعى أحداً من أٌقاربه أو أحبته.

المخرج هيثم حقي كتب على جدار صفحته: (يغيب اليوم ممثل موهوب… يغيب اليوم نضال سيجري، المحب لسورية بطريقته الخاصة… نضال الذي ناشد الجميع من أجل سورية لوقف القتل… بدا في لحظات طوباوياً… وفي لحظات يائساً… وأحياناً مفرطاً في التفاؤل أو التشاؤم… لكنه دائماً كان مخلصاً لسورية وشعبها الذي تبادل معه حباً كبيراً… فالسوريون أحبوا أداءه الصادق كممثل كبير فعلاً ، وهو أحبهم وأراد لهم أن يكونوا كما أحبهم دائماً… ورغم مرضه وفقدانه الصوت لكنه كان ينادي بعلو صوت روحه من أجل خروج سورية إلى فضاء المحبة الرحب.

وداعاً نضال سيجري تلميذي وصديقي والفنان الذي أعتز بتعاملي معه طوال عشرين عاماً… منذ الفيلم التلفزيوني (النو) الذي أخرجته لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية كفيلم تخرُّج، وكان هو وشريكه في النجومية باسم ياخور في أول أدوارهما… إلى ثلاثية الحصرم الشامي لفؤاد حميرة وسيف سبيعي، التي أنتجتُها وأدى فيها أدواراً مميزة… وخلال هذه السنوات العشرين جمعتنا مودة وصداقة وتعاون فني عبر أعمال عديدة… العزاء لأهله وأصدقائه ومحبيه… وله الرحمة… وعسى أن يحقق السوريون وصيته بوقف العنف وأن يستمعوا لصوت العقل وأن يحبوا سورية كما أحبها نضال سيجري…). وكتب الفنان أيمن زيدان: (لغيابك يا نضال طعم العلقم…. تغمدتك السماء بالرحمة… نضال سيجري الصديق الذي رحل مبكراً وترك وراءه سحباً من الوجع والحزن).

أما المخرج سيف سبيعي فكتب: نضال….. تركتني؟ كيف استطعت أن تتركني هكذا…؟ مازال أمامنا الكثير لنفعله يا صديقي العتيق…. أعرف أنك لم تعد تحتمل…. والله وأنا أيضاً… أحس في هذه اللحظات أنني سأتبعك قريباً… يا صديقي…. فلترقد روحك بسلام… فأهل السماء باتوا بحاجة إليك أكثر من أهل الأرض…. بحاجة إلى قلبك الطيب و روحك الطاهرة أكثر…. الآن لن تشعر بالخجل بعد اليوم…. فقد رافقت كل شهداء الوطن… وتركتنا ليقتلنا الخجل…. سلام يا صديقي العتيق…).

وكتبت المخرجة رشا شربتجي: (نضال سيجري.. كنت أطهر قلب.. رحل جسمك ورَحْ تبقى روحك الطاهرة.. ورح تبقى إبداعاتك.. الله يصبرنا ويصبر أهلك.. فلترقد بسلام يا صديقي).

وكتب صديقه الفنان مصطفى الخاني: (نضال سيجري.. لن نقبل أن نقول لك وداعاً… أيها الفنان والسوري الخالد، فلم يعد لدينا قدرة على الفقدان أكثر… ولم يعد لدينا قدرة على الاحتمال أكثر.

رغم أن حنجرتك قد خانتك في الفترة الأخيرة ، إلا أن صوتك كان أعلى من أصوات الجميع. ورغم أن حنجرتك خانتك إلا أن الكثيرين لن يخونوا صوتك. كنا دائماً نسمعك وأنت تصرخ بأعلى ما تملك من صمت: أنا منيح… بس سورية عم توجعني… نضال… لروحك الرحمة… ولذكراك المجد، فلترقد روحك الطيبة في سلام.. أمنا العظيمة سورية ستفتقدك).

العدد 1105 - 01/5/2024