2013 عام المرأة السورية

شهد العام الماضي في سورية حوادث مريعة ساهمت في المزيد من القتلى والمعاقين والمرضى النفسيين والجسديين، إضافة إلى التفكك العائلي نتيجة تغيير آلية الحياة وخاصة العائلية، فزادت البطالة والإعاقة والأمراض والولادات غير الآمنة والحبل غير المنظّم، وهذا بدوره أدى إلى التفكك العائلي تماشياً مع واقع الحال نتيجة تغيير مكان السكن وتشرذم أبناء البيت الواحد بحثاً عن  المكان المناسب، أو عيشهم في مراكز الإيواء، أو لجوئهم إلى خارج سورية إما للهجرة أو البحث عن عمل أو اللجوء في خيم، كل هذا أثّر تأثيراً سلبياً على طبيعة العائلة السورية، وخاصة النساء، فزادت الأرامل والمطلقات والنساء المعيلات اللواتي أجبرتهن الظروف على العمل في ظروف قاسية لإعالة أسرهن لأن معظم الرجال فيها (أخ أو أب أو زوج أو ابن) بات بلا عمل أو كان مغيباّ لأسباب عديدة، لتبدو المرأة هي الحامل الأكبر للهم السوري، فهي التي ستساعد العائلة على البقاء والوقوف من جديد لتعمل في البيوت أو شطف الأدراج أو في الخياطة أو صنع المأكولات أو المنتجات اليدوية وبيعها بالأسعار التي يحددها التاجر، إضافة إلى العمل المرتبط بالشهادة العلمية التي تحوزها المرأة، هذا عدا تسلمها إدارة المنزل، فهي التي عليها تدبّر الأمور والاحتياجات فنرى النساء هن الأكثر وقوفاً أمام طوابير المساعدات لتأخذ احتياجات العائلة، وكذلك على أبواب الأفران ومختار الحي لاستلام استمارات الغاز، فهي برأي الرجال الأقدر على الوقوف والأكثر صبراً وتحمّلاً للبرد والمطاحشات، وفي الحقيقة هو استغلال آخر للنساء بات واضحاً وهو يبدو دائماً في الأزمات من خلال تجارب الشعوب حيث تعتمد الأسرة على تلك المرأة، بذريعة أنها أكثر صبراً وتحملاً، لكن في الوقت نفسه هي تعادل نصف رجل في القوانين والدين، فما زالت القوانين الشرعية لا تقبل شهادة المرأة وحدها، لأنها غير قادرة على استدراك الأمور وتذكرها إلا بمعين آخر، ولا تزال قوانين الإرث تعطي النساء نصف ما يعطى للرجل وخاصة في الأحوال الشخصية الإسلامية، ولا تزال العادات في كل الأديان والطوائف تحرم النساء من ملكية الأرض الزراعية، بذريعة أنها للاسم الذكر اسم العائلة ولا يجوز للنساء تملّك أراضي زراعية فيكفيها عقار أو مال مقابل هذا في أحسن الحالات أي في المناطق التي تعطي فيها النساء هذا الحق في الإرث، رغم أن النساء العاملات في الأراضي الزراعية إن كان بشكل موسمي أو دائم هي تعادل عدد الرجال العاملين في الزراعة أو تفوقها في بعض الأحيان، هذا عدا القوانين المدنية. ففي قانون العقوبات تعاقب المرأة الزانية أكثر من عقوبة الرجل الزاني وتثبت عليها التهمة بجميع وسائل الإثبات بخلاف الرجل المحددة طرق إثبات جرمه بالزنى، وكذلك القوانين المتعلقة بما يسمى جرائم الشرف التي مازالت تخضع للعقوبة التخفيفية للرجل القاتل، وكذلك القانون الذي يسمح باغتصاب الزوجة، ويخفف العقوبة عن الرجل المغتصب بحال زواجه من المرأة التي اغتصبها، وقوانين تحرم النساء من إعطاء جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل وتؤيد الطلاق بالإرادة المنفردة والزواج بأكثر من امرأة….الخ

إضافة إلى كل هذا التمييز، نرى وسائل الإعلام وغيرها (المحلية والعربية والعالمية) تستخدم النساء بوصفهن حاملاً للشرف، فينتهكون الطرف الآخر من خلال إظهار انتهاك النساء ويتم تضخيم الاستغلال الحقيقي للنساء جسدياً وجنسياً واستخدامه لتحقير الطرف الآخر دون أي إنسانية في التعامل مع هذا الاستغلال وحماية النساء بعيداً عن أجندات سياسية..

في وسط كل هذا التمييز تعيش النساء السوريات وهن يعملن بشكل مضاعف في الأسرة ويتحملن الجزء الأكبر من العبء الاجتماعي والاقتصادي، ويحاولن النهوض بما تبقى من المجتمع المثكول لتلملمن أشلاءه، لنراها أيضاً في أماكن صنع القرار قد أثبتت وجودها في الوزارات وفي الإدارات وفي المنظمات الإغاثية والجمعيات النسائية لتصنع السلام والطمأنينة، وهي تبعث الأمل لسنة قادمة أقل ألماً وحقداً..

العدد 1107 - 22/5/2024