في عيدها.. مساواة أم عدالة؟

كثيرة هي الأحداث التي تراكمت قبل أن يُحدّد الثامن من آذار عيداً للمرأة، فهو في الحقيقة عيد لمعاودة المطالبة بحقوقها، إعادة التذكير بحقوقها الضائعة وليس مجرّد احتفالية، في عيد المرأة تحتفل كل دولة بحسب ماوصلت إليه وتتابع النضال لعام جديد مقبل..

في بلادنا لا تزال النقاشات تدور حول مفهوم المساواة أم العدالة، ولا يزال التلاعب بين المصطلحين قائماً. بعضهم يدافع عن مفهوم العدالة ويقول هو الذي نريده ولا نقبل بمفهوم المساواة، وبعضهم يقف متشبثاً بمفهوم المساواة، وبعضهم يطرح التكاملية بين الرجل والمرأة..

ربما من حقنا كناشطين بقضايا المرأة في سورية أن ندافع عن مفهوم المساواة الذي يعتبره أصحاب نظرية العدالة والتكامل أنه مساواة في الجنس، فيطالبون بقوة بإلغاء المطالبة بالمساواة لأنها برأيهم تعني أن يحبل الرجل وأن يُرضع، وأن تعمل النساء عمل الرجل وتلبس لباسه وتعيش طريقته..

ولذلك يطالبون بالتكامل، ذلك المصطلح الذي يخفي بين طياته الكثير من الألغام، فعمل المرأة في البيت يكمله عمل الرجل  خارجه، تربية الأطفال في البيت من قبل المرأة يكمله جني المال خارج البيت من قبل الرجل ، قراءة الرجل ورفاهيته يكملها عمل المرأة لتحضير وتهيئة كل هذه الرفاهية، حنان المرأة يقابله قوة الرجل وصلابته.. إلخ. هذه بالمختصر معاني التكامل مهما حاولوا المراوغة والتلاعب بالكلمات..

وكذلك مفهوم العدالة، فالعدالة هامة  جداً، لكن بالترافق مع المساواة، وإلا فالعدالة مفهوم متغير، العدالة في الريف ألا تعطى المرأة حصة إرثية، لأنها ستلتحق ببيت زوجها، ولأن الأرض يجب أن تبقى باسم الذكور وهي ستلتحق باسم آخر، العدالة في قوانينيننا أن تعاقب المرأة على جرم الزنا بعقوبة أشد من عقوبة الرجل، وأن تقتل دفاعاً عن الشرف، وأن تؤخذ شهادتها كنصف شهادة رجل، وأن ترث نصف ما يرث، وأن تطلّق بكلمة، بما أنها ستأخذ حقها من المهر، هذه عدالة، لكنها ليست مساواة ، إنها عدالة لأنها باسم العدل والقانون..

لذلك يعرف جيداً الرجال والمجتمع الذكوري باقتصاده وسياسته وقضائه أن المساواة ليست هي العدالة وليست هي التكامل، يدركون جيداً أن المساواة هي المساواة، يمكن فقط أن ترافق بالعدالة لفترة انتقالية كي تستطيع المرأة الوصول إلى حقوقها التي سوف ينص عليها القانون، والتي تساوي الرجل، العدالة هي تمكين النساء من الوصول إلى حقها بعد سنوات من تحييدها، العدالة أن يمكّنوا النساء اللواتي وصلت بهن عقود وقرون من عدم التوريث والإقصاء الاقتصادي والسياسي إلى أنهن أكثر فقراً من الذكور، أن يمكّنوهن من الوصول إلى حقهن في المساواة في جميع مناحي الحياة..

المساواة ليست ترفاً، بل هي حق إنسان أصيل لها وللمجتمع كله، وهي ضرورة حتمية للتنمية والقضاء على الفقر، وهذا ما نلمسه كل يوم في النزاع الحالي في سورية، عدم المساواة أدى بنساء كثيرات للاتجار بهن، والتلاعب بقضيتهن، وانتهاك حقوقهن..

إلى عام آخر من المطالبة بحقوق المرأة والمساواة الكاملة والعدالة في القوانين والدستور بشكل صريح ومباشر، نأمل أن يكون مميزاً ونقلة نوعية في وضع المرأة السورية..

العدد 1107 - 22/5/2024