ملتقى الحوار الوطني السوري خطوة باتجاه الحل السياسي للأزمة

عقد في دمشق يومي 24 و25 آذار ملتقى الحوار الوطني السوري في فندق داما روز، بحضور ممثلي الأحزاب والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والشخصيات الوطنية السورية.

وتضمن جدول الأعمال عدة محاور أبرزها تقديم خريطة الطريق للخروج الآمن من الأزمة، وعرض لأوراق مقدمة من جهات معارضة، وتقرير لوزارة المصالحة الوطنية. ومن الأوراق المهمة التي طرحت على الملتقى ما قدمه السيد فاتح جاموس حول الدستور والحق السياسي في إطار المواطنة التامة لكل سوري، ووحدة الجغرافيا وسيادة الدولة السورية، ودارت نقاشات ساخنة حول المواضيع الواردة في جدول الأعمال، وتطرق المتحدثون إلى عمليات الخطف والقتل والاعتقال، وجرت المطالبة بالتصدي للعدوان الواقع على سورية، وتحقيق المصالحة الوطنية.

وألقى الرفيق فؤاد البني، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري (الموحد)، مداخلة في الملتقى، ننشر أبرز ما جاء فيها:

إننا ننظر إلى المبادرة الرئاسية لحل الأزمة بالطرق السياسية نظرة إيجابية، وهي تتضمن الكثير مما نطالب به وتفسح في المجال أيضاً لإضافات وتعديلات جديدة عليها.

إن الأزمة التي تعيشها البلاد منذ مايقارب العامين، هي واحدة من الأزمات الكبرى في عالم اليوم، وقد حدد حزبنا منذ أيامها الأولى بأنها أزمة مركبة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية اجتماعية واقتصادية، وتتفاعل مع عناصر خارجية إقليمية ودولية. وقد تتقدم في مرحلة من مراحل تطورها، عناصر وعوامل، على حساب غيرها من العناصر والعوامل والعكس صحيح. وعلى هذا الأساس تبلور موقف حزبنا وتركزت شعاراته ومهامه بالنقاط التالية:

1- الدفاع عن الوطن ضد أي عدوان خارجي مباشر أو غير مباشر.

2- العمل على مكافحة الإرهاب والدفاع عن الممتلكات العامة والخاصة.

3- الدفاع عن السيادة الوطنية للدولة ووحدة أراضيها.

4- وقف العنف بجميع أشكاله وصوره، وتوفير الأمن لحماية أرواح المواطنين.

5- إطلاق الحريات العامة ووقف جميع أشكال التوقيف الكيفي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، معتقلي الرأي.

واليوم، ورغم تصاعد الأحداث وتفاقم الأوضاع نؤكد أن الطريق للخروج من الأزمة يكمن في الحل السياسي والحوار البنّاء والمتكافئ، بمشاركة جميع أطياف المجتمع السوري الوطنية والمخلصة للوطن.

وانطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية، وتجاوباً مع الدعوة الموجهة من قبلكم، نتقدم بالملاحظات والاقتراحات التالية:

أولاً-  حول المرحلة التحضيرية:

هي المرحلة الأولى التي سيتوقف على تنفيذها ومدى نجاحها، مستقبل كل المراحل اللاحقة. إن الحوار المطلوب يجب أن يعكس حاجات المواطنين والمجتمع ككل، وبمقدار ما تكون المشاركة في الدعوة إليه ذات طابع شعبي ومجتمعي بمقدار مايكون الحوار محققاً لأهدافه.

ومن هنا نرى أن الطابع الحكومي الذي طغى على تركيب اللجان المكلفة بالدعوة للحوار، لايساعد على إعطاء الانطباع عند المواطنين أن شيئاً ما قد تغير بعد إلغاء المادة 8 من الدستور القديم. فليس الموضوع هنا، موضوع تحقيق أكثرية على حساب التمثيل الواسع لأطياف المجتمع المختلفة من أحزاب سياسية وفئات اجتماعية وهيئات المجتمع الأهلي والمدني، بل إن جوهر الموضوع يكمن في كيفية إشراك أوسع ممثلي المجتمع في عملية الحوار بحيث يشعرون بأنهم يشاركون مشاركة فعلية في بناء سورية الغد، وليس مشاركة رمزية أو شكلية.

ثانياً-  اقتراحات لتحسين مناخ الثقة قبل الحوار:

سادت في حقب زمنية مختلفة استياءات شعبية نتيجة عدم تلبية مطالب مشروعة للجماهير، وقد استغلت ذلك الفئاتُ الرجعية ومن وراءها من قوى إمبريالية. إن إهمال هذه المطالب قد خلق جواً من عدم الثقة بين المواطنين والسلطة، كما خلق نوعاً من السلبية واللامبالاة تجاه النشاط السياسي العام.إن الذهاب إلى الحوار الآن يجب أن يسبقه تدابير سريعة من السلطة تؤدي إلى استعادة الثقة، وإجراء الحوار على قاعدة تطمئن المواطن أن السلبيات الموجودة والإهمال الذي جوبهت به لَيْسَا قدراً محتوماً، وأنه بالإمكان البدء بمسار داخلي جديد يبعث على الثقة.

ومن هذه التدابير المطلوبة:

1- الإسراع بتنفيذ البند 9 المتعلق بالإجراءات اللازمة لتسريع إجراءات الإحالة إلى القضاء والبت بالدعاوى، والإفراج عمن لم تثبت إدانته، وتسوية أوضاع كل من يقوم بتسليم سلاحه للجهات المختصة، وإعادة الذين أوقفوا اعتباطياً إلى وظائفهم ودفع رواتبهم ومستحقاتهم.

2- كبادرة حسن نية وإعادة ثقة، نرى الإسراع بالإفراج عن المعتقلين السياسيين أي معتقلي الرأي والفكر، ووقف عمليات التوقيف الكيفي، والتقيد التام بنصوص الدستور حول هذا الموضوع، وبضمنه وقف التعذيب.

3- اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضبط عمل (اللجان الشعبية)، ووضع حد للسلبيات التي يمارسها البعض منها.

4- الإعلان عن الضمانات للنازحين قسراً إلى خارج البلاد للعودة إلى الوطن، وتخصيص إعانات مادية مباشرة للعائلات العائدة لتسهيل عودتها.

5- العمل الجدي لتأمين احتياجات المواطنين من المواد الرئيسية، كالخبز والمازوت والغاز وغيرها.

6- محاربة الفاسدين والمتقاعسين، وتجار الأزمات، باتخاذ إجراءات سريعة وحازمة، وإعلان ذلك عبر وسائل الإعلام.

7- أن يتم اختيار المسؤولين وتكليفهم (مديرون عامون – مركزيون – فرعيون) بعيداً عن المحسوبية، وصلات القربى، والولاء الشخصي، وأن يكون المعيار هو الكفاءة والنزاهة والتفاني بالعمل.

8- البدء بعمليات إعادة تأهيل البنى التحتية للمناطق التي تعرضت للتخريب والتي أصبحت آمنة تماماً الآن، والعمل لعودة المهجرين قسراً إلى مناطقهم ومنازلهم.

إننا نعي تماماً أن مراحل متعددة كثيرة ما تزال تنتظرنا للوصول إلى سورية الغد ذات النظام الديمقراطي التعددي المبني على قاعدة الموقف الوطني الذي تنتهجه سورية والذي أثار عليها كل هذه الهجمات الرجعية والاستعمارية. ولكننا واثقون أن شعبنا السوري لن يسمح لها أن تحقق أهدافها، الأمر الذي يتطلب الإصغاء إلى مطالبه وشكاواه ومعالجتها بأقصى سرعة ممكنة. ويجب أن يتوضح منذ الآن، وحتى قبل الحوار، أننا مصممون جميعاً على بناء اقتصاد وطني منتج تعود آثاره ونتائجه إيجاباً على توزيع الدخل الوطني، ويؤمن العدالة الاجتماعية لصالح جميع الكادحين من أبنائه، ويضع حداً للرأسمالية الطفيلية التي نهبت البلد وهرّبت أموالها إلى الخارج. علماً أننا سنتقدم بآرائنا حول مواضيع الحوار والميثاق الوطني والتعديلات الدستورية وغيرها من الأمور المطروحة في حينه.

العدد 1107 - 22/5/2024