مثل سنابل القمح

هي حكاية أسرة فقدت معيلها منذ زمن طويل، وأخذت الأم مكان هذا الأب، فعملت وصبرت على تحمّل مشاق الحياة دون أن تسأل أحداً، لتربي أبناءها بعزّة نفس وكبرياء.

كانت الأسرة تجلس كل يوم أمام مدفأة الحطب أيام البرد يتحدثون عن أحلامهم، وكلما تحدث أحد الأولاد  اشتعلت النار في قلب الأم خوفاً من المستقبل، لكنها لم تكن تظهر لهم هذا الخوف، بل كانت دوماً توجّههم نحو الخير والأمل، فكانت تراهم سنابل قمح يبوحون بأحلامهم وآمالهم رغم صقيع الفقر والعوز، لكن بحرارة الأم كان كل شيء يهون، فكانت هي الأمان لهم بدلاً من الأب الذي حُرموا منه باكراً، فهي أبوهم وأمهم وأقرباؤهم كلهم الذين تخلَّوا عنهم في أيام الضيق، ولعزة نفس الأم لم تطلب من هؤلاء الأقرباء أية مساعدة لأنها تريد أن تعتمد على نفسها وأيضاً لأنها تريد أن يشعر أولادها أنهم أقوياء كسنابل القمح وأنهم قادرون على العطاء رغم حاجتهم..

أما الحب الأكبر الذي ربتهم عليه فهو حب الوطن وكبرياؤه وعزته، وعلّمتهم كيف يواجهوان كل من يقترب من حقهم ويدافعون عنه وعن الوطن كلّه، وعندما كبروا كانوا كما أرادت أقوياء شرفاء وسنابل قمح، متعلمين قادرين على العطاء ومتواضعين يحب كل منهم الآخرين ويكرمون أمهم بالاحترام والحب، فكل ما قدمته من عطاء عثرت عليه عندما كبر الأولاد وخرج الأحفاد إلى الحياة، لتدور حولها تلك العائلة التي حوّلت قلبها إلى شمس تنير كل من حولها، فلم يتوقف عطاؤها رغم سنوات عمرها المتقدمة، هذه هي الأم في بلادنا تحمل وحدها الحمل لكنها قادرة على حمله، وقادرة على البناء، لذلك يجب على كل امرأة أن تأخذ حقوقها ودورها في المجتمع كله.

العدد 1105 - 01/5/2024