من قلب سورية

قبل ثلاثة أعوام نظرت من فوق جبل مرتفع يطل على بلادي الخضراء فشاهدت على مدّ الأفق تلك الأرض جنّة فريدة تمتاز عن كل جنان الدنيا، بما فيها من أشياء تبثّ النشوة في الصدور، وبدأت أجوّل بنظري من منطقة الى أخرى وكلما تركت منطقة وانتقلت الى أخرى فاض الشعور من أعماق قلبي وازددت محبة وتفاؤلاً بأن أرضي فيها أرواح أجدادي ومستقبلي، لكن اليوم عدت إلى المكان نفسه فوجدته مختلفاً: غيمة سوداء تلفّ أرضي وحزن يدمي قلبها، لكن في الوقت نفسه كانت روح الأرض السورية مزدهرة كالأم التي رغم الألم تحضن وتربي في حضنها الدافيء أبناءها الذين يحتمون بها، لأنها الملجأ الآمن ولأنهم مازالوا أقوياء مقاومين وصامدين بوجه الغزاة الطامعين بأشكالهم المختلفة، يأبون أن يتدخل أحد بشؤونهم ولا حتى بأفكارهم أو آرائهم لأنهم يملكون العزة والكرامة.

إنها سورية الأرض التي نشأنا وترعرعنا في أحضانها وأكلنا من ثمارها وشربنا من مائها، ورغم ما حدث فهي تعود لتقف في كل مرّة من جديد، ورغم ما حدث لناسها بسبب ما يعانونه من مصائب وأزمات في المعيشة، وخاصة من اضطرتهم الظروف للعيش في مراكز اللجوء، إلا أنهم يدركون أن ما يحدث ما هو إلا غيمة سوداء ستهطل مطراً بدلاً من الدخان، وهذا بفضل شجاعة الأبطال ودم الشهداء ..فهنيئاً لسورية بأبنائها ولأبنائها بأرضهم الخصبة الطيبة!

العدد 1107 - 22/5/2024