تواصل الجهود الدولية لعقد (جنيف2)

السوريون يريدون ممثلين حقيقيين لتطلعاتهم إلى إنهاء النزيف

ولجم الإرهاب… وبناء سورية الديمقراطية العلمانية

 

 كم كان الرئيس بوتين محقاً حين أبدى ملاحظته حول المشاركين في (جنيف2)، فقاطِعو الرؤوس.. وآكِلو الأحشاء لا يمثلون تطلعات الشعب السوري الذي نزفت دماؤه.. وهُجّر قسراً.. وأحرقت مدنه وقراه، وخرّبت منشآته ومصانعه ومزارعه، وأُخذت مطالبه المشروعة بالديمقراطية والتنمية والحياة الكريمة إلى منحى آخر، سمح للخارج بالتدخل السافر المتعدد الأشكال، لفرض واقع إقليمي جديد يخدم مصالح الإمبريالية والصهيونية والرجعية السوداء.

الجهود الدولية الساعية إلى إنهاء الأزمة السورية عبر الحل السياسي ما زالت تصطدم بعقبات كبيرة، فالولايات المتحدة الأمريكية رغم تنديدها بالمجموعات التكفيرية، ما زالت تشجعهم بهذه الطريقة أو تلك، وتحاول فرض مشاركين في جنيف2 لا يتمتعون بمصداقية تؤهلهم لتمثيل مطالب الشعب السوري السياسية والاجتماعية. كذلك مازالت القوات الأمريكية وحليفاتها تقوم بمناوراتها في الأردن، وتفتح أبواب معسكراتها التدريبية لتخريج العشرات من المعارضين المسلحين.

الأوربيون رغم قلقهم من عودة مواطنيهم الذين قاتلوا ضمن قوام المنظمات الإرهابية في سورية، والفظائع التي ارتكبوها بحق المواطنين السوريين، ورغم دعوتهم مؤخراً إلى عقد اجتماع أوربي موسع لمكافحة الإرهاب القادم مع هؤلاء، ما زالوا يصرون على مواقفهم الداعمة للمعارضة المسلحة، خاصة بعد الهزائم التي تعرضت لها على يد الجيش السوري، ويلوّحون (خصوصاً فرنسا وبريطانيا) بتوريد السلاح إليهم بعد أن منحهم الاتحاد الأوربي حرية التصرف.

أما معارضة (الائتلاف) فما زالت رغم تطعيمها (الشكلي) ببعض النخب من الخارج، تضع الشروط لحضور جنيف2 الذي لا يقبل الشروط، بل يدّعون زوراً تمثيل الشعب الذي ملّ ادعاءاتهم.. وغيرتهم (المسرحية) على الحقوق الديمقراطية للسوريين، في الوقت الذي يستقدمون فيه(الجهاديين) من الكهوف المظلمة، ويختزلون جوهر الأزمة بمسألة السلطة والكراسي، دون الأخذ بالحسبان خيارات جماهير الشعب السوري.!

السوريون ينظرون إلى جنيف2 بوصفه مدخلاً صالحاً لوضع حد لأزمتهم، لكنهم بعد الثمن الغالي الذي دفعوه من دمائهم واستقرارهم ومعاناتهم المعيشية، لن يتنازلوا عن خياراتهم المتمثلة بالتغيير السلمي باتجاه الديمقراطية.. والعلمانية، وذلك عبر الحوار الوطني الشامل الذي يُعَدّ بجميع المقاييس الوسيلة الآمنة لتحقيق آمال جماهير الشعب ببناء مستقبل سورية، الذي لن يكون إلا استمراراً لطموحات شعبها بجميع قواه السياسية والمجتمعية والدينية والإثنية.. مكرساً للتعددية والانفتاح على الآخر، في ظل نظام سياسي يتم فيه تداول السلطة سلمياً حسب إرادة جماهير الشعب.. حريصٍ على كرامتهم ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة مصالح الفئات الفقيرة والمتوسطة. 

أما.. فمن استقوى على بلاده بقوات الناتو والمنظمات الإرهابية السوداء، ومن يعمل على كبح تطلعات السوريين، عليه أولاً أن يبرز بطاقة اعتماده من شعبنا قبل دخوله إلى (جنيف2)، أو أي محفل آخر.. لا أن يضع شروطه.

 

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024