الذاهبون إلى الحرب بدل السلام

لا تدخل في باب العمل السياسي والمناورات الدبلوماسية تلك الأساليب التي تمارسها الإدارة الأمريكية تجاه القضية السورية، بل من باب الأعمال الإجرامية، إذا أردنا أن نسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية.

فهي من ناحية تدّعي علناً أنها تدعم الدعوة إلى عقد مؤتمر جنيف ،2 وتحث الأطراف المعنية على الانخراط في هذه العملية السياسية، دون أن تحدد موقفها صراحة من الشروط التعجيزية التي تضعها المعارضة الخارجية لقاء اشتراكها في هذا المؤتمر، والتي قد تنسف المؤتمر من أساسه. ومن ناحية أخرى تعلن دعمها للمعارضة المسلحة كي (تصنع) توازناً على الأرض.

فإذا كان مؤتمر جنيف 2 سيعقد، حسب تصريحات مسؤولة عدة، وإذا كان الهدف من انعقاده هو إحلال السلام في سورية، فلماذا اللف والدوران حول مسألة تسليح المعارضة الخارجية؟

من المعروف أن الموقف الأمريكي يتراوح ما بين أمرين اثنين: التسليح بأسلحة غير فتاكة، وهو أمر يدعو للسخرية حين تضع حاجزاً مصطنعاً بين سلاح يقتل وسلاح لا يقتل.. والأمر الثاني هو شرعنة التسليح وفتح بابه على مصراعيه، وإعطاء إشارة الضوء الأخضر لتوريد الأسلحة عن طريق المملكة العربية السعودية وتركيا، اللتين لا يمكنهما الإتيان بعمل من هذا النوع إلا بإيعاز من السيد الأمريكي. وينطبق ذلك على توريد المرتزقة الأجانب للتسلل إلى سورية عبر الأراضي التركية، إضافة إلى آلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر التي يعلن عن توريدها صراحة وجهاراً.

هذا إذا لم نذكر القاعدة العسكرية الأمريكية في الأردن التي تضم نحو 1200 جندي أمريكي لتدريب العناصر الفارة من سورية، وتزويدها الأردن بصواريخ باتريوت وبطائرات إف ،16 فهل تدخل كل هذه الإمدادات التسليحية في باب إحلال السلام في سورية، أم في نطاق التحضير لمؤتمر جنيف 2؟

وبالفعل فإن الأمور تسير على هذا المنوال، ويؤكد ذلك النظرية التي تطبل وتزمر لها الولايات المتحدة، والتي مفادها أن المؤتمر لن يعقد، كما أنه إذا عُقد فلن ينجح مادام ميزان القوى العسكري على الأرض راجحاً لمصلحة الدولة السورية، فهل المطلوب أن تُهزم سورية أو تستسلم لكي يصبح متاحاً عقد المؤتمر؟

وهل هذا المنطق هو منطق من ينوي فعلاً التوجه نحو السلام؟ فإذا كان التمادي في الحرب وقتل الألوف من الناس هو الطريق إلى إحلال السلام، ساعة ذلك نقول إن هذا المنطق الأعوج لن يأتي بالسلام، بل بالحرب والخراب والدمار للشعب السوري ولشعوب المنطقة.

العدد 1105 - 01/5/2024