جنيف2 وعند جهينة الخبر اليقين!

مؤشر السياسة الدولية والإقليمية يؤكد المواقف السياسية (العرجاء) الصادرة من الدوائر الأمريكية والأوربية، التي تصوّب سهامها إلى دريئة جنيف،2 واستخدامها في حقل رمي تجريبي ثم تعميم هذه التجارب على سورية ومصر.

ولم تكن الخيارات العسكرية الأمريكية الأربعة مفاجئة، ولم تكن المرة الأولى التي تتقدم فيها الولايات المتحدة بمثل هذه الاقتراحات، وهي الدولة التي تقود الحرب الكونية ضد سورية.

وقد جمع خبراء السياسة في البيت الأبيض نصائحهم واقتراحاتهم، وقدموها دفعة واحدة. فمن (الضربات الجوية المحدودة، إلى تأسيس منطقة حظر جوي، ثمَّ إقامة منطقة عازلة، والسيطرة على أسلحة دمشق الكيميائية).. أربع (مبادرات) تتقدم بها الولايات المتحدة، لتحقيق التوازن على الأرض بعد إعادة هيكلة (الائتلاف)، وبعد التفوق الميداني للجيش العربي السوري.

ومن جديد عاد العزف على وتر جنيف،2 في الوقت الذي يؤيد الكونغرس الأمريكي مشروع أوباما بتقديم السلاح إلى المعارضة المسلحة. وسبق هذا القرار زيارة وفد الائتلاف إلى فرنسا التي حددت موقفها المخيب للآمال، ولقائه غير الرسمي مع ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وتسليم السعودية الملف السوري وتحجيم الدور القَطَري أو تجميده، وزيادة الكرم السعودي وإغراق مستودعات الجماعات المسلحة بالأسلحة وخزائنها بالدولارات. والدعوة للسيطرة على مدينة حلب وفصلها عن سورية.

وبرز التناقض بين موقف المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، الذي أكد الاتفاق الأمريكي – الروسي، وضرورة (وقف إرسال السلاح إلى طرفي النزاع في سورية). وتصريح الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة (أن مؤتمر جنيف2 لن يعقد في المستقبل القريب).

إن القرار الأمريكي بتسليح المعارضة، يعدُّ فزَّاعة لتأجيج الأزمة السورية، وصبّ البنزين على حطب الصراع، ويدل على عدم نزاهة الإدارة الأمريكية واتباعها سياسة المراوغة ونسف الاتفاق الروسي، والنقاط التي جرى الاتفاق عليها ووافق عليها السيد (كيري)، باعتبار أن الحل السياسي سيكون على طاولة جنيف،2 وهو البديل الوحيد للخروج من نفق الأزمة السورية، وأن لا جدوى من الحل العسكري.

ولا يزال موقف الحكومة السورية ثابتاً، لم يتغير منذ الإعلان عن عقد مؤتمر جنيف،2  وأن (الحكومة السورية منفتحة على جميع المبادرات الدولية التي تساعد على إنهاء الأزمة، شريطة عدم وضع شروط مسبقة، أو إملاءات خارجية).

ورغم الدروس الكبيرة التي لقّنت للولايات المتحدة في السنوات الماضية، وفشل مشاريعها في العراق وأفغانستان والمنطقة، خاصة إسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر، وصمود الشعب السوري في وجه الهجمة الشرسة والمؤامرة الكونية، إضافة إلى أنها لم تعد الدولة الوحيدة المهيمنة على العالم، وظهور منافسين أشداء لها.. يبدو أن الولايات المتحدة لم تستفد من هذه الدروس ولم تراجعها وتحفظها جيداً. وأن مناهضة الشعوب لها ورفضها الكلي لسياستها التقسيمية وإثارة الفتن الداخلية الطائفية والسيطرة على ثروات البلدان النامية.. كل هذه الأسباب والنتائج لم تقنع الإدارة الأمريكية، فهي لا تزال تصب جام غضبها وحقدها لبث الكراهية بين القوميات والطوائف والأديان. وهذا يؤكد فشل مخططاتها ومشاريعها.

العدد 1105 - 01/5/2024