التخاطر الشبكي يتوّج مساراً لتحكّم كهرباء الدماغ بالكومبيوتر

لم تنل تلك الصورة تغطية واسعة عربيّاً، لكنها ربما اندفعت إلى بعض المخيّلات، مع إعلان فريق بحثي عالمي عن التوصّل الى نقل رسالة عبر الإنترنت بواسطة موجات الدماغ. «(الحياة) 25 آب (أغسطس) 2014».

وتتميّز تلك التجربة التي قادتها جامعة (هارفرد) الأمريكية بأنها جرت بواسطة أساليب غير مؤذية، بمعنى أن المشاركين الذين توزّعوا بين فرنسا وإسبانيا والهند، ارتدوا خوذات فيها مجسّات ترصد موجات أدمغتهم، من دون إدخال أي أسلاك في الجمجمة. وسجّلت التجربة أنها الأولى في انتقال موجات دماغ الإنسان عبر الألياف الضوئية للإنترنت، أما تحكّم الإنسان بالكومبيوتر عبر الدماغ، ويسمّى علميّاً (واجهة الدماغ – الكومبيوتر) Brain Computer Interface  «اختصاراً (بي سي آي) BCI» فيملك سجلاً طويلاً.

 ابحث عن العسكر، جاءت بداية الـ (بي سي آي) عسكريّة تماماً. ففي سبعينيات القرن العشرين، استهل التواصل المباشر بين دماغ الإنسان والكومبيوتر، عبر بحوث في (جامعة كاليفورنيا- لوس أنجلس)، تحت إشراف البنتاغون، تحديداً (وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدّمة) المعروفة باسمها المختصر (داربا)DARPA. وحملت أوراق تلك البحوث مصطلح (بي سي آي) إلى عوالم العلم، للمرّة الأولى.

وفي 1987 زرع الأمريكي فيليب كينيدي مجسّات إلكترونيّة في أدمغة قردة، ثم ربطها بكومبيوتر. وفي نهاية القرن العشرين، استخدم الاختصاصي في (جامعة بيركلي) يانغ دان، التقنية التي ابتكرها كينيدي للحصول على موجات كهربائية لصور معيّنة في دماغ القطط.

مع مستهل القرن الـ 21 حدث اختراق علمي أساسي على يد العالم ميغيل نيكوليلس، من (جامعة ديوك)، عندما توصل إلى صنع خوذة توضع على الرأس، كي تربط بين موجات الدماغ والكومبيوتر. واستطاع نيكوليلس أن يجعل القردة تحرّك ذراعاً روبوتياً بواسطة الكومبيوتر، كي تلتقط الطعام بواسطته. ولم تكن القردة ترى الذراع الروبوتي مباشرة، بل تراقب حركته (وتتحكّم بها) عبر أيقونة على شاشة الكومبيوتر.

كانت هناك تجارب مماثلة على البشر، استهلت عام 1999 في جامعة (كايس ويسترن ريزيرف) في ولاية أوهايو، على يد الأمريكي هانتر بيكهام. وكان الهدف من أعمال بيكهام هو تمكين المشلولين من استخدام الكومبيوتر.

وبعد عام 2004 ابتكرت تقنيّات متنوّعة تمكّن من تحريك أيقونات على شاشة الكومبيوتر، بواسطة موجات الدماغ. في تلك التقنيات، تطوّرت خوذة توضع على الرأس مباشرة، من دون إدخال أي أسلاك إلى الدماغ، وتلتقط موجات الكهرباء التي تتحرّك مع عمليات التفكير المختلفة في المخ.

تذكيراً، ترافق تطوّر بحوث (واجهة الدماغ – الكومبيوتر) مع مسار مشابه في مجال زرع رقاقات إلكترونيّة في الدماغ، لعل أبرزها ما صنعه العالم الأمريكي وليام دوبيل، عبر زرع رقاقة متخصّصة في منطقة الإبصار في الدماغ، ما مكّن فاقدي البصر من استعادته. واستطراداً، شهد عام 2013 صنع رقاقة تحل مكان شبكية العين، فتعيد البصر لمن فقدوه بسبب تضرّر الشبكية.

يذكر أنه في عام،2010 أطلقت جائزة خاصة لبحوث الـ (بي سي آي). ونالتها بحوث عن توظيف (واجهة الدماغ – الكومبيوتر) في إعادة تأهيل الجهاز العصبي – الحركي عند مصابين بشلل دماغي.

العدد 1107 - 22/5/2024