نجاحه مرهون بجهود حكومية استثنائية التسعير الإداري.. مطلب شعبي!

التسعير الإداري للمواد الأساسية لمعيشة المواطن السوري، مبدأ كنا ومازلنا من أشد المعارضين لإلغائه، فالبديل هنا ترك الأمور لقوانين السوق الحر، أي بكلمة أخرى رهن لقمة المواطن وحاجاته الأساسية للأيدي (الظاهرة) و(الخفية) للسوق التي لم تقف يوماً في صف الفقراء ومحدودي الدخل.

والتسعير الإداري يأخذ في الغالب أحد الشكلين التاليين:

1- تسعير مادة تنتجها أو تستوردها الدولة بأقل من تكلفة إنتاجها أو استيرادها، لأسباب اقتصادية، كالمازوت والطاقة الكهربائية والفيول اللازم للصناعة، أو لأسباب اجتماعية كالخبز والمشتقات النفطية المخصصة للتدفئة.. والطاقة الكهربائية المستخدمة للإنارة والاستخدامات المنزلية.

2- تسعير مواد وسلع ضرورية وذات استهلاك واسع، بعد تحديد بنود التكاليف الفعلية، وإضافة نسبة للربح يتفق عليها مع المنتجين.

وفي كلا الشكلين فإن حماية الفئات الفقيرة والمتوسطة يعد الهدف النهائي لمبدأ التسعير الإداري. لذلك حذرنا من اتباع وصايا صندوق النقد والمصرف الدوليين، اللذين نصحا الحكومات السابقة في العقد الماضي بضرورة إلغاء التسعير الإداري حفاظاً على قوانين السوق الحر، وكي تظهر السلع بتكلفتها الحقيقية.

التسعير الإداري اليوم، في ظل الظروف القاسية التي تعيشها جماهيرنا الشعبية، يعني وقف سريان قوانين السوق الحر على حزمة المواد الأساسية والضرورية للمواطنين. فتعرّض المواطن السوري لتداعيات الحصار الاقتصادي الظالم، ولقوانين السوق الجائرة أمران لا يمكنه تحملهما.

لكننا في الوقت ذاته الذي نؤكد فيه تأييدنا للتسعير الإداري، نطالب الحكومة بأمور ثلاثة:

1- عدم رفع أسعار المواد المنتجة أو المستوردة المدعومة والمسعرة إدارياً كالنفط ومشتقاته، فهي إضافة إلى ضرورتها وأهميتها لمعيشة المواطن، تدخل في صلب التكاليف الفعلية لجميع المواد والسلع الأخرى.

2- إجراء دراسة حقيقية معمقة لتكاليف السلع المنوي تسعيرها إدارياً، بالاستناد إلى القيمة الفعلية لهذه التكاليف.. لا إلى قيمة مفترضة أو وهمية. وبمعنى آخر هناك اليوم تكاليف إضافية تتعلق بالظروف الراهنة وصعوباتها، يجب إضافتها أو إلغاء سبب تحققها، ثم يصار إلى إضافة نسب الربح المتفق عليها مع المنتجين.

نقول ذلك بسبب تجاربنا السابقة في عقود ماضية مع التسعير الإداري، إذ سعرت سلع ومواد بأقل من تكلفتها الحقيقية، مما أدى إلى إحجام المنتجين عن إنتاجها، والمسوقين عن تسويقها، والخاسر الأكبر من فقدانها كان المواطن الذي أجبر على شرائها من الأسواق السوداء، أو من المهربين.

3- الرقابة الفعلية لالتزام الجميع: المنتج والمستورد وتاجر الجملة وتاجر المفرق، بالسعر النهائي.. الإداري للسلع والمواد، وهذا لن يتم إلا بوجود شبكة فاعلة من مراقبي التموين في الأسواق المختلفة على مدار الساعة، وكذلك سن تشريعات جديدة عاجلة لتشديد العقوبات على المخالفين والمحتكرين ومستغلي الأزمات على تنوع استغلالهم.

التسعير الإداري يتطلب جهداً حكومياً استثنائياً، وجماهير شعبنا بانتظار النتائج.

العدد 1105 - 01/5/2024