هل يعقل أن يحدث هذا في طرطوس..؟!

اسمحوا لي أن أقول الأشياء كما هي ودون مقدمات وبلا أي عمليات مكياج أو هندسة للديكور.. فالقضايا المحقة للمواطن يجب أن تقال كما هي، كي لا تفقد جوهرها ومضمونها ويضيع معناها بعد انتقاء الكلمات المعسولة والمغسولة.

كانت طرطوس ولله الحمد مستقرة من الناحية الأمنية خلال الأزمة التي نعانيها، ولكنها لم تكن مستقرة في بقية الجوانب، إذ شهدت المحافظة انفلاتاً تموينياً لم يسبق له مثيل في تاريخ المحافظة، وبات تاجر الجملة يتهم تجار المفرّق بأنهم وراء الزيادة الفاحشة في الأسعار، وتجار المفرّق يتهمون تجار الجملة بالجشع وعدم قدرة الجهات الرقابية على ضبط جشعهم ولجمه.. إضافة إلى واقع الرغيف والتلاعب المستمر بالوزن في الأفران الخاصة وعدم وجود عقوبات رادعة بحق المخالفين.

الطامة الكبرى تجسدت في تعاطي بعض مسؤولي المحافظة مع بعض طلبات المواطنين.. فالمواطن المسكين والمعتّر الذي لم يجد وسيلة إلاّ اتبعها في سبيل الحصول على حقه، مازال يسعى ويطرق مزيداً من الأبواب الموصدة في وجهه، وكأنها صنعت من أسمنت أو فولاذ. وإليكم بعض القصص القصيرة من محافظة طرطوس وريفها:

أبدأ من الريف، وأنتقل إلى مركز المحافظة، فما معنى أن يكون في مدينة الدريكيش مسلخ للذبائح على الطريق المؤدي إلى المجمّع التربوي، وتبقى الفضلات من عظام وجلود وكروش ومخلفات ذلك لأكثر من يوم؟! المشكلة أن هذا الطريق ممر لبعض طلاب المدارس الذين تهاجمهم الكلاب المتربعة على تلك البقايا!

وما هو مبررّ أن تبقى عربات القمامة، بما تحمل أحياناً، جاثمة على أرض المرآب بروائحها العفنة ومناظرها القبيحة في وجه القادم إلى المدينة والمغادر منها؟! ولماذا يبقى هذا المرآب عارياً من أي مظلة تقي المواطن حر الصيف ومطر الشتاء، وخالياً من أية مرافق عامة؟

في بعض مدارس الدريكيش حالات من الفوضى، وخصوصاً مدرسة أمين دبرها، والخلافات بين مدرسي مادة الرياضيات وأحد موجهي المادة في التربية، تلك التجاذبات التي تنعكس سلباً على الطلبة دون قيام أي لجنة من الرقابة بالتحقيق فيها، برغم توجيه عدة كتب من بعض المدرسين، ولكن دون نتيجة؟ وهل يعقل أن يضيع كتاب وجهه مدير سابق في تلك المدرسة، بعد توقيعه من مدير التربية؟!. وهل يعقل أن تبقى في المدرسة غرفة أمين وحدة الشبيبة، مرتعاً لمن أراد التدخين أو شرب الشاي من الطلاب المخالفين؟! علماً أن هذه الحالة هي الوحيدة في مدارس طرطوس؟!

وهل يعقل أن يقوم بعض الأهالي بشراء كتب على نفقتهم الخاصة، من مركز توزيع الكتب الذي لا يبعد عن آخر مدرسة في مدينة الدريكيش أكثر من كيلومتر واحد؟! لماذا لا تقوم إدارة المدارس بتلافي النقص في الكتب عند الطلاب، بدلاً من قيام الطلاب بتصوير الدروس من زملاء لهم حصلوا على كتب (أنا واحد من عشرات الأولياء الذين التقينا في المركز المذكور)؟!

وكيف للسيد مدير التربية أن يوافق على نقل عدد من المدرسات اللواتي كنّ يدرّسن شرق حلب في منطقة دير حافر، بعد الطلب إليهن الذهاب إلى هناك للحصول على انفكاك؟!

وعن الواقع الصحي.. ففي المنطقة الصحية بالدريكيش عدد غير قليل من الممرضات اللواتي تقدمن بكتاب إلى السيد المحافظ، والدكتور ياسين إبراهيم مدير الصحة، يتحدثن فيه عن ممارسات خاطئة ورشاً وهدايا ومزاجية في عمل الدكتور صالح عبد الله (لدي جميع الوثائق والثبوتيات)، لكن دون أي حلّ؟ وللعلم فالطبيب المذكور يتربع على كرسيه منذ نحو 13 سنة. المضحك المبكي أن مدير الصحة الدكتور ياسين إبراهيم قال لي بالحرف الواحد عندما زرته بخصوص التحقق من الشكوى: أعطني البديل! هل يعقل أن مدينة كالدريكيش التي يوجد فيها مئات الأطباء لا يوجد فيها بديل؟ أمر آخر بهذا الخصوص، يتعلق بالفتوى التي أفتى بها مدير الصحة، وتنص على منح الطبيب المذكور مهلة 15 يوماً لتحسين سلوكه مع الممرضات!

وهناك مواطنة تعرضت لحادث سير أدى إلى إعاقة سمعية بنسبة 80 بالمئة، وحصلت على بطاقة إعاقة، وراجعت مدير الصحة السابق خير الدين السيد منذ أكثر من سنة، وقد وافق على طلبها للعمل، ولكن بعد استكمال بعض الأوراق. استكملت المواطنة الأوراق، ولكن مدير الصحة أعفي من منصبه وتسلّم الدكتور ياسين إبراهيم المديرية، وعادت إلى المعاناة من جديد، وكان آخر ما طلبه منها هو الحصول على موافقة السيد المحافظ. وافق السيد المحافظ، فاحتجّ مدير الصحة على صيغة الموافقة، وهي (السيد مدير الصحة لمعالجة الطلب). الدكتور ياسين إبراهيم ارتأى أن يعالج الطلب بعقد لثلاثة أشهر، علماً أن هناك مرسوماً بالتوظيف للمعوق ضمن نسبة 4 بالمئة! أعتقد أن ما دفعته المذكورة نفقات وأجوراً يعادل ما ستتقاضاه خلال العقد! طبعاً هناك حالات كثيرة تتعلق بالفساد أثناء عمليات التوظيف للمعوقين، وأعدُ القارئ الكريم بملف حول هذه الحالات!

وأختم ببعض ما يجري في مشفى الدريكيش، فهل يعقل أن يتقاضى بعض الأطباء مبالغ مالية من المواطن لقاء إجراء عمليات جراحية في المشفى؟! أحدهم همس لي أن الطبيب الذي أجرى له العملية، اشترط عليه مراجعته في العيادة، فقبض منه مبلغ 7000 ليرة؟ وهل يعقل أن بعض من وُظفوا في المشفى بوظيفة مستخدمين يداومون على أساس إداريين؟!

أخيراً لا أحد يستطيع أن ينكر استغلال البعض للأزمة بشكل بشع، ولكننا بانتظار الخلاص القادم إن شاء الله، وبانتظار أن يُحاسب كل من أساء إلى هذا البلد بشكل أو بآخر، وإن لم يتم ذلك فللحديث شكل آخر.. علماً أننا نملك وثائق حول كل ما ذكرنا، وسنتناوله بالتفصيل في حال لم يجدِ إنذارنا هذا!

العدد 1105 - 01/5/2024