شجاعة امرأة

أثناء وجودي بإحدى الحدائق جلست إلى جانبي امرأة ومعها طفلة صغيرة، قالت لي فجأة: ما كلّ هذا الاستغلال والجشع بين الناس!!؟ سألتها خير إن شاء الله؟

روت لي قصتها فقالت: تركني زوجي بعد خلاف شديد بيني وبينه مع طفلتي الصغيرة نعاني ألم الأزمة والتشرّد، قصدت إحدى قريباتنا لأسألها عن غرفة آوي اليها، فاستأجرت عندها غرفة صغيرة، وكنت كل يوم أسمع الخلافات بينها وبين زوجها لأنه كان يساعدني في جلب احتياجاتي، وهكذا تفاقمت الأمور بينهما، فهو يفتعل المشاكل وهي تسأله عن سبب مساعدته لي، إلى أن أتى يوم وطردها خارج البيت وغادرته مع الصباح، وعند الظهيرة دقّ بابي ليشكو لي عذابه بحسب ما ادّعى بنظراته الشيطانية الوقحة، فصددته وأخبرته أني لا علاقة لي بهما وهذا ليس من شأني، لكنه أخبرني أنه يريد أن يطلّق زوجته، وبدأ يحاول الدخول إلى غرفتي وأنا أصدّه وهو يحاول بطرق مختلفة حتى أنه أغواني بالمال وهو يعرف حاجتي الماسّة له، لكني قاومت إغراءاته وعروضه وصددته وأنا أقول له يجب ألا نستغل حاجات بعضنا، فنحن أقرباء وجيران، لكنه أصرّ ما دفعني إلى طرده بشكل صريح، وغادر المكان وبعد ساعة عاد ليعتذر ويؤكد أنه لن يكرر محاولاته باستغلالي، لكن رغم اعتذاره وإبدائه للندم لم أستطع البقاء في البيت وغادرته، وها أنا هنا وهناك أبحث عن مكان، وكل يوم أتعرض لموقف أصعب من الذي قبله، لكني وجدت عملاً ولو مبلغ زهيد لكنه كان كافياً لسداد حاجتي بالمأكل والمشرب والدواء، وسأبقى أبحث عن عمل في كل مكان لأكتفي مادياً وأستطيع استئجار غرفة أومنزل يأويني وأعيش فيه..

الذي يفاجئ في الأزمة هو تلك الأخلاق التي ظهرت لدى بعض الناس، وكأنهم من كوكب آخر، فلاهي الأخلاق التي تربينا عليها ولا هي صفاتنا الحميدة ولاهي التعاليم الدينية التي عشنا بها، كل ما يحدث نتيجة للحرب أم أن الحرب كشفت المستور، دائماً أسأل نفسي ما هي الأسباب لقلة الأخلاق والضمير الذي نعيشه؟! ودائماً أحلم بيوم نعود فيه الى ديارنا وحياتنا الطبيعية ولو أنها كانت مظهراً جميلاً لحقيقة بشعة..

العدد 1107 - 22/5/2024