هل تحقق الوكالة مصلحة الموكل؟

يتميز عقد الوكالة بأهميته الاقتصادية والتجارية والعملية والقانونية باعتباره وسيلة وأداة تسهل على الناس أمور حياتهم في التعامل وذلك عندما لا يستطيع شخص ما إجراء التصرفات القانونية بنفسه، فيوكل شخص آخر في هذا التصرف. ولهذا تعتبر الوكالة من أهم وأخطر الوثائق التي يوقع عليها الشخص الطبيعي المتمتع بالأهلية القانونية.. على الرغم من أن عقد الوكالة هو عقد غير لازم للموكل للحد من خطورة النتائج السلبية التي يمكن أن تتحقق نتيجة تجاوز الوكيل وشططه.

أولت التشريعات الحديثة الوكالة اهتماماً كبيراً ومنها التشريع السوري الذي خص الوكالة في النظام الموحد للوكالات القضائية، وأيضاً نظم القانون المدني أحكام الوكالة وشروطها والتزامات الموكل والوكيل وحالات انتهائها. وأيضاً أخضع الوكالة في إثباتها إلى تطبيق المواد الموجودة في قانون البينات مادة (5) منه.

فتعريف الوكالة حسب المادة 665 من القانون المدني السوري أنها (عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل) وهذا ما أصبغ على الوكالة صفة العقد واعتبارها عقداً رضائياً أوجب أن يتوافر فيها الشكل الواجب توافره في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة (مادة 666 ق .مدني). والأصل في التصرفات القانونية أن تكون رضائية لا تستوجب شكلاً خاصاً.كالبيع والعارية أو الوديعة.وأن مايسري على العقد من أحكام قانونية هو ذاته ما يسري على الوكالة عملا بالمادة 625 – مدني، التي أكدت أن الوكالة عقد. وعندما تكون الوكالة عقداً ينبغي أن يكون محل العقد معيناً بالذات ووجوب تحديد محل الالتزام بعينه.

فالعلاقة بين طرفي الوكالة تبدأ عندما يمنح الشخص محاميه أو شخصاً آخر توكيلاً، لصيانة حقوقه ورعاية مصالحه، مقابل دفع الأتعاب، أي ترتب التزامات على الوكيل والموكل، وهذا ما ورد في القانون المدني (من المادة 669 – إلى 679). ومن خلال تعريف الوكالة نجد نوعين من الوكالات:

أولاً- الوكالة العدلية: التي تنظم من شخص لآخر (غير محامي) للقيام بعمل قانوني معين كشراء منزل أو بيعه أو تأجيره أو تزويج أو مخالعة أو طلاق وغيره، وهذه الوكالة تعتمد من كل الجهات الرسمية وغير الرسمية والجهات الأجنبية بعد تصديقها أصولاً وقابلة للاستخدام داخل القضاء وخارجه.

فالقبض بالوكالة العدلية مطلق. أما القبض بالوكالة القضائية فيكون أمام القضاء وفي معرض تنفيذ حكم قضائي.

ثانياً- الوكالة القضائية: وفيه يوكل شخص ما محامياً ليدافع عنه أو عن حق له في دعوى قائمه أمام القضاء.أي مجالها القضاء لأنها توكيل بالخصومة تعطي المحامي حق تمثيل موكله أمام المحاكم كافة وفي جميع الدعاوى له أو عليه، ومباشرة إجراءات التقاضي وحق المرافعة نيابة عنه.

والوكالة القضائية تقسم بدورها إلى:

أ-وكالة عامة – وترد فيها ألفاظ عامة لايعين فيها محل التصرف القانوني المعهود به للوكيل ولا تخوله صفة إلا في أعمال الإدارة، وهذا ما أوردته المادة 667 قانون مدني: (1- الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لاتخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل لاتخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة،

2- ويعد من أعمال الإدارة الإيجار الذي لم تزد مدته على 3 سنوات وأعمال الحفظ والصيانة واستيفاء الحقوق ووفاء الديون، ويدخل فيها أيضاً كل عمل من أعمال التصرف تقتضيه الإدارة كبيع المحصول وبيع البضاعة أو المنقول الذي يسرع إليه التلف وشراء مايستلزمه الشيء محل الوكالة )._

وهذا ليس على سبيل الحصر بل أبرزها.

ب -وكالة قضائية خاصة: تخول المحامي تمثيل موكله أمام المحاكم في الدعوى التي من أجلها تم إبرام صك التوكيل حصراً دون أن تتجاوز ذلك أي في كل عمل ليس من أعمال الإدارة وخاصة في البيع والرهن والتبرع والصلح والقرار والتحكيم وتوجيه اليمن الحاسمة والمرافعة أمام القضاء ب (تقديم مذكرات -دفوع – تبليغ -تبلغ- الأعمال والإجراءات اللازمة لإقامة الدعوى ومتابعتها وقبول اليمن وردها وإقامة البينة وتقديم اللوائح والاستدعاءات وغيرها) وهذا ما أوردته المادة 668 من القانون المدني.

وسند التوكيل القضائي نوعان، وقد حدد النظام الموحد للوكالات القضائية في المادة 6 منه أنواع الوكالات القضائية القابلة للتصديق والتوثيق من قبل مكتب التوثيق والتصديق كما يلي: (الوكالة الصلحية العامة – الوكالة الصلحية الخاصة – الوكالة البدائية العامة – الوكالة البدائية الخاصة).

وبما أن الوكالات العدلية مازالت تتسم بالطابع التقليدي الورقي ولم يطرأ عليها تغيير خصوصاً الاستفادة من التقنية الالكترونية.

وبما أن القضاء لم يحسم بعد الصلاحيات الممنوحة للوكيل بموجب الوكالة ولجهل الكثيرين بأبعاد الوكالة ومخاطرها فإنها قد تكون سبباً مباشراً لإلحاق أضرار جسيمة بالموكل نتيجة المبالغة في الصلاحيات بالتصرفات القانونية الممنوحة للوكيل من بيع وشراء ورهن وإبراء وتحكيم وصلح وإقرار، مما يوقع البعض في مشاكل لاحصر لها من نصب ونهب لأموالهم وأملاكهم تحت مسمى الوكالة.

في ظل غياب المعلومة عن مدى صلاحية الوكالة وغياب الجانب التقني والالكتروني فيها، ورغم أن الكثير من الوكالات قد ألغي إلا أن بعض الوكلاء يستخدمونها متى أرادوا. وبما أن الحكومة أولت اهتماماً كبيراً بالتحول نحو التعاملات الإلكترونية وتقنية المعلومة، فعلى الحكومة إدخال الوكالات الحيز الإلكتروني تجنباً لأي استغلال، وتسهيل إلغائها عند اكتشاف أي تلاعب، وربط وزارة العدل بقطاعات الدولة العام والخاص بحيث يسهل الاطلاع عليها حين استخدامها في أي من القطاعات.

العدد 1107 - 22/5/2024