بياض.. بلون آخر

كلمة.. تدل على فرح.. حب.. سعادة.. سلام، شآم.. اليوم.. اكتست بياضاً.. كقلوب أطفالها.. أطفال لم يكونوا يعرفون سواد الأيام.. حتى يكبروا…لكن.. القدر لم يشأ ذلك.. أراد لهم الشيخوخة.. أراد لهم هماً يغمر أفكارهم.. أطفال لا يعرفون من الطفولة سوى اسم لامعنى له.. أنجبتهم أمهاتهم كباراً.. ليستطيعوا تحمل أعباء حرب لم يكن لهم فيها أي ذنب.. لم يكن لهم بها صلة.. شاء قدرهم أن يواجهوا أخطاراً كبيرة بأعمار صغيرة..

هذه المرة.. لم يكن بياض شآمنا كالبياض في كل مرة.. رغم جمال لونه.. وخيره..كان قاسياً.. لايحمل من الرحمة شيئاً.. أطفال عراة حفاة في كل مكان.. ارتدوا هذا الثوب معها.. لم ترأف بهم.. برد قارس ينخر في ساق تلك الورود.. ماذنبهم.. ماذا أخطؤوا في هذه الحياة ليحملوا قسوة ناتجة عن طمع غيرهم.. براعم ذاقت العطش والحرمان، سقطت عن أمها وهي في أمس الحاجة إليها،

تساقط الثلج على أرض الشام، لكنه أسقط معه أرواحاً طاهرة.. قلوباً نقية.. لاحقد ولا كره يعرفونه.. لماذا أخذ من لا حول ولا قوة لهمٍ..؟؟

كل مرة.. أقف فيها لارتدي ثوب عمره من عمري.. أكره ذاتي.. لا أريد الدفء وهناك أطفال تركتهم هذه الحياة باردة.. لا أستطيع النوم وأنا أتذكر من وسادتهم حجر في طريق لا يعرف الأمان.. بينما هناك من يتوسد الريش والطمأنينة تغمرهم..

ما بال هذا العالم.. لم يعد يبالي.. فقد إنسانيته وضميره؟! أين الرحمة والرأفة لأطفال منذ أن وجدوا لم يعرفو طعمها؟ تعددت الأسماء والفعل واحد.. منظمة حقوق الإنسان.. جمعيات لرعاية المشردين.. مخيمات للاجئين.. كلهم هدفهم واحد لا إنسانية فيه.. أين هم من أطفال مازالوا حتى الآن ضائعين تحت الثلج.. أين هم من كل زهرة تسقط كل يوم ظلماً..!

لا أنكر مساعدتهم.. (للبعض).. لكنهم نسوا الأهم…

رغم خير هذا البياض إلا أنه جمّد وقتل مشاعر البشر.. وضمائرهم.. لم يعودوا.. ولن يعودوا كما كانو.. وما نفع ضميرهم إن صحا بعد قلب أم مات مع موت طفلها؟! اصحوووا ما بالكم..

أنقذوا أطفالكم… هذا نداؤهم.. لعلكم تسمعون..

العدد 1105 - 01/5/2024