بعد 89 عاماً… باقون ونتجذّر!

لأننا نعشق أرض الوطن وسماءه وماءه وكلّ شيء فيه، ولأننا نحب أبناء هذا الوطن، ونستميت لكي يستعيد وحدته، بمواجهة الغزو والإجرام التكفيري والاستعماري.. ولأن الهمّ المعاشي للفقراء ومحدودي الدخل كان الشغل الشاغل لحزبنا طيلة حياته،

ولأننا لا نساوم ولن نساوم على حقوق الكادحين، ونشهر سيف مكافحة الفساد بمواجهة الفاسدين كائناً من كانوا، ولأننا وقفنا ضد بقايا الإقطاع وجشع الرأسماليين الطفيليين، ودعونا إلى اقتصاد وطني منتج وتعددية اقتصادية بقيادة الدولة، ووقفنا ضد الديكتاتوريات العسكرية، واعتبرنا الحريات الديمقراطية رافعة أساسية من روافع التقدم الحضاري، وظلت تتصدر شعاراتنا وأولياتنا..

من أجل كل ذلك بقي حزبنا حياً ويتطور.. واليوم، وبعد كل الذي جرى ويجري على أرض الوطن الحبيب، يقف حزبنا الشيوعي السوري الموحد، مثلما وقف منذ اللحظات الأولى للأزمة، إلى جانب التغيير السلمي وتلبية المطالب المشروعة للجماهير، ولكنه وقف ويقف أيضاً بكل حزم ضد الإرهاب والإرهابيين.. ضد العصابات التكفيرية التي تدعمها مباشرة السعودية وتركيا، ودعا ومازال يدعو الجماهير والقوى الوطنية، أياً كان انتماؤها السياسي، إلى الاتحاد، لطرد هذه العصابات التي دنست شرف بلادنا، وذبحت الألوف من أبناء شعبنا.. ودعا ويدعو أيضاً إلى حل سياسي يقوم على صيانة وحدة الأرض السورية الطاهرة واستقلالها، ووقف العنف، وتمهيد الطريق أمام السوريين للقيام بالتغيير السلمي نحو مجتمع ديمقراطي تعددي، والحفاظ على حقوق المواطنة للجميع دون استثناءات أو امتيازات خارج القانون، واحترام حقوق جميع المقومات الإثنية والقومية والدينية للمجتمع.

ونحن اليوم، ورغم المآسي والدمار والخراب، ورغم الدماء الزكية الطاهرة التي روت أرض سورية، نعتز بأن سورية، بشعبها وجيشها ومتانة تحالفاتها الإقليمية والدولية، تمكنت من إفشال خطة الغزو الأمريكي العسكري، والحيلولة دون وقوعها.

إن حزبنا ناضل طيلة عمره المديد من أجل الحفاظ على معادلة، الوطني والاجتماعي والديمقراطي، وهو اليوم أشد تمسكاً بالجمع الخلاّق بين هذه الأسس الثلاثة التي لا تصحّ واحدة بمفردها دون الأخرى.

وفي مجال الوعي الاشتراكي، إضافة إلى كل الإسهامات الكبرى التي أداها حزبنا منذ تأسيسه في هذا المجال، فهو يؤكد هويته الاشتراكية العلمية، التي هي مستقبل الشعوب وأفقها الوضاء، كما يؤكد ضرورة العمل الفكري الجاد على المستويات المحلية والعالمية، لتطوير الفكر الاشتراكي بما يتناسب مع العصر.

إننا، بهذه المناسبة الغالية، ندعو الشيوعيين السوريين خصوصاً، واليساريين عموماً، إلى توحيد الجهود وتعزيز النضالات المشتركة، لتبقى سورية في موقعها المعادي للإمبريالية والصهيونية والرجعية السوداء، وسعيها لاستعادة أراضيها المحتلة، وفي المقدمة الجولان الحبيب والغالي على قلب كل سوري، ولتحقيق طموحات الشعب السوري في حياة حرة كريمة.

إننا نستقبل العام ال90 لتأسيس حزبنا بتفاؤل وعزيمة أشد، ونحيّي ذكرى شهداء الحزب ومؤسسيه الأوائل، الذين قضوا ليشقوا لنا الطريق، كما نترحم على شهداء سورية الذين قضوا وهم يقاومون الغزاة والتكفيريين.. ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى. وإننا نعبر عن ثقتنا التامة بأن سورية ستخرج من هذه المحنة أشد صلابة في مواجهة الإمبريالية والصهيونية، وستكون سورية الغد.. أفضل.

العدد 1104 - 24/4/2024