الطبقة العاملة السورية… نضالات وتضحيات… وآفاق! اليوبيل الماسي لاتحاد نقابات العمال

احتفلت الطبقة العاملة السورية وتنظيمها النقابي (الاتحاد العام لنقابات العمال) يوم 18/3/2013 بمرور 75 سنة على تأسيس الاتحاد (1938). وقد تأسست قبل ذلك عدة نقابات، كان للحزب الشيوعي السوري دور بارز فيها، وتكفي هنا الإشارة إلى أن أول نقابة لعمال التبغ أسسها فؤاد الشمالي، في عشرينيات القرن الماضي، وهو – كما يعرف الكثيرون- أحد أبرز مؤسسي الحزب عام ،1924 ووضع الشمالي كتيباً حول تأسيس النقابات وإدارتها.

وقد خاضت الطبقة العاملة ونقاباتها نضالات وطنية وطبقية، فنظموا إضرابات عمالية واسعة في الثلاثينيات والأربعينيات، أيام الاحتلال الفرنسي، وحققوا بعض المطالب والمكاسب.. وتحملوا الجوع والعطش في سبيل طرد المستعمرين. وباختصار فإن العبء الأكبر في النضال الوطني تحمّله المنتجون من عمال وفلاحين، فحققوا الجلاء بدمهم وعرقهم وتضحياتهم.

وقد أدركت الطبقة العاملة مبكراً أن في وحدة الحركة النقابية قوة لها، تمكنها من تحقيق نجاحات ومكاسب أفضل، ولا تزال ماضية في نضالها، من أجل تحرير الجولان المحتل، ومن أجل حياة كريمة، ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والاشتراكية، والسلم الأهلي.

وقد كان للطبقة العاملة واتحادها العام حضور فاعل، وحرصت على تقديم الرؤى والحلول لمعالجة الأزمات التي عاناها اقتصادنا الوطني. وكانت المؤتمرات النقابية السنوية ولاتزال، ودورات مجالس اتحادات المحافظات، ومجلس الاتحاد العام، منابر تكرس الوحدة الوطنية المستندة إلى وحدة الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي،والتحالف والتعاون بين القوى الوطنية والتقدمية.

وقد نظم الاتحاد العام لنقابات العمال في عام 1987 مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات، ونظم ندوة تحسين إدارة القطاع العام وتطويرها، وكشف فيهما كثيراً من النواقص وأوجه الخلل، واقترح حلولاً لإنقاذ الاقتصاد الوطني والقطاع العام من الأزمات.

وأشار الاتحاد إلى خطورة قانون الاستثمار رقم 10 لعام ،1991 الذي أتاح للرساميل المحلية والعربية والأجنبية أن تتغلغل في القطاعات الاقتصادية الوطنية، وأن تجني الأرباح دون أن تقدم ما يستحق الذكر، لا على صعيد التشغيل ولا على صعيد رفد الخزينة العامة، ولا على صعيد تقديم خدمات اجتماعية تناسب ما قُدّم لها من تسهيلات وإعفاءات.

كما واجه الاتحاد السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، التي اعتمدتها الطواقم الاقتصادية للحكومات المتعاقبة منذ عام ،2000 والتي زادت معاناة العمال والكادحين والمنتجين، وكانت أيضاً رديفاً لسياسات العولمة المتوحشة، فزادت الفقر والبطالة والجوع والمرض، وتراجع مستوى الخدمات، وبدأ الزحف على مكاسب حققها العمال بنضالات وتضحيات جمة.

إن الطبقة العاملة وجميع الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم، هم القوة الأساسية في الإنتاج، وفي الكفاح الوطني من أجل تحرير الأرض المحتلة واستعادة الحقوق المشروعة، وتأمين العيش الكريم لشعبنا.. ولذلك فإن الاتحاد العام لنقابات العمال يطالب اليوم بتنمية شاملة ومتوازنة، تأخذ بالحسبان مصالح جميع القطاعات، على أن يكون القطاع العام رائداً حقيقياً، وأن ينظم القطاع الخاص بحيث يرفد الاقتصاد الوطني، وأن يكون التوجه نحو اقتصاد وطني محوره وهدفه ضمان العدالة الاجتماعية.

ويسعى الاتحاد للحفاظ على مكتسبات العمال وحقوقهم، وإعادة النظر بالقوانين الناظمة للعمل (قانون العاملين الأساسي، وقانون العمل) وبقانون التأمينات، بما يضمن مكتسبات عمالية جديدة.

ويطالب الاتحاد بمعالجة الأوضاع المعيشية عبر إعادة النظر بالأجور، وإقرار سُلّم زيادات يتناسب مع الغلاء الفاحش الذي استشرى وشمل جميع أنواع السلع والحاجات اليومية والرئيسية.

ويسعى الاتحاد إلى تفعيل حضوره الفاعل في حياة العاملين، وملاءمة قانون التنظيم النقابي مع أحكام الدستور، ليكون أداة فعالة في الذود عن مصالح العمال ومكتسباتهم.

عاشت طبقتنا العاملة السورية، وحركتها النقابية.. قوة هامة وأساسية في مسيرة النضال الوطني والقومي والتقدم الاجتماعي.

العدد 1105 - 01/5/2024