زيادة الأسعار طالت المياه.. ولكن!

ما إن تقترب من معمل مياه الدريكيش، حتى تصادف عشرات الآليات تنتظر دورها لتقوم بتحميل حاجتها من مياه الدريكيش، ولدى تجاوزك الباب الرئيسي بعد قيام عناصر الحراسة بالتفتيش الدقيق، تطالعك مناظر مدهشة تُدخل إلى النفس الطمأنينة والسرور. فالمعمل عبارة عن خلية نحل حقيقية، كلٌ في مكان عمله. وعندما تقرر المرور إلى مكتب المدير يوسف بدور، كي تستأذن ببدء جولتك، يأتيك الجواب بأن المدير غير موجود في مكتبه، والسبب يعود إلى إشرافه التام والمستمر على كل مفصل من مفاصل المعمل. فتارة تراه على خطوط الإنتاج، وتارة يراقب عمليات التحميل، وأثناء حدوث عطل ما يكون في مقدمة عناصر الورشة أو الفنيين لإصلاح العطل.

متعاملون ووكلاء

كانت نظرة المتعاملين والوكلاء المأخوذة منذ سنوات عن معمل مياه الدريكيش لا تسرّ الخاطر، وهي التي كانت سبباً في توقف استجرار المياه، وربما كانت الإدارات السابقة هي السبب. طبعاً هذا ما أكده لنا عدد من المتعاملين والوكلاء الذين كانوا بانتظار دورهم كي يقوموا بالتحميل.

السيد أبو رمّاح يستجر من المعمل نحو 25 ألف صندوق شهرياً، تحدّث عن المعاملة الجيدة التي يلقاها من العاملين في المعمل، وخصوصاً أمين المستودع. وفيما يتعلق بزيادة سعر عبوة المياه قال السيد أبو رماح: الزيادة مقبولة قياساً بما يتعرض له البلد، وهي بحدود 40 ليرة للصندوق (6 عبوات سعة لتر ونصف)، في حين بلغت الزيادة 15 ليرة للصندوق (ذي العبوات الصغيرة سعة نصف لتر).

السائق سمير يقوم بنقل المياه من معمل مياه الدريكيش لصالح القطاع الخاص في محافظة اللاذقية، تحدث عن عمله قائلاً: عمليات البيع هنا تجري بكل أريحية، فالجميع يعملون لخدمة الوكيل.. يسارع العمال لدى وصول السيارة إلى تحميلها بالكمية المطلوبة.. وأود هنا أن أشير إلى السيد هاشم حسن، أمين المستودع، الذي يعكس الوجه الحضاري للمعمل، والذي لا تفارق البسمة وجهه، ولا يمكن أن تواجهك مشكلة في المعمل إلاّ ويجد لها حلاً فورياً.

بعد الكلام الذي سمعناه من العديد ممن التقينا بهم عن أمين المستودع وحسن تعامله مع الزبن والوكلاء، قصدنا مكتبه المتواضع بين كتل عبوات المياه، فطالعتنا ابتسامته وترحيبه اللذين يؤكدان محبته وإخلاصه للمعمل، بعمله على كسب الزبون كما يقال. وفي معرض ردّه على الزيادة التي طرأت على عبوات المياه، أكد لنا أن المرحلة الصعبة التي تمر بها سورية والحصار الجائر، كان السبب الأساسي لهذه الزيادة الطفيفة، إذا ما قورنت بالقيمة الغذائية والصحية لمياه الدريكيش. وأضاف الأستاذ هاشم أننا سوف نفاجأ بأن كمية استجرار المياه من المعمل لم تتأثر أبداً بهذه الزيادة، بل على العكس لقد زاد الاستجرار بعد أن فتح الطريق إلى حلب، مؤكداً الثقافة الصحية لدى المواطن السوري الذي كان فيما مضى يأتي إلى الدريكيش، ويقوم باستئجار سطح بناء لعدة أسابيع كي يستمتع بالمناظر الجميلة ويرتوي من مياه الدريكيش العذبة والمعدنية.

وأضاف الاستاذ هاشم: لقد استطعت أن أدخل إلى داخل كل عامل، وبحثت عن النقطة التي تشعِر ذاك العامل بأهمية كل نقطة عرق يقدمها، إضافة إلى أنني اعتبرته شريكاً لي في المسؤولية عن المستودع. وكما ترى فلا حاجة لي كي أقف وأشرف على تحميل كل سيارة، فالجميع هنا يشعرون وكأنهم أمناء للمستودع. برأيي يجب الاهتمام بالعامل والنظر إلى الجهد الذي يبذله بكل احترام وتقدير.

تحليل مستمر لعينات المياه

في المخبر التقينا بالسيد أحمد شعبان، الذي تحدث عن طبيعة عمله قائلاً: تُقطف دورياً عينات من المياه كل شهر تقريباً، مادامت الأحوال الجوية جيدة، أما في حال الهطول الغزيرة فيتم التحليل كل 15 يوماً تقريباً. أما بالنسبة للتحليل الجرثومي فتقطف عينات وتُحلل يومياً. وهناك تحليل فيزيوكيميائي للمياه المنتجة نقوم به كل نصف ساعة، كما نقوم بإرسال عينات إلى إحدى الجامعات السورية للتأكد من صحة نتائجنا سنوياً.

قرار الزيادة على الأسعار

حُدد الحد الأقصى لسعر بيع جعبة المياه (6 عبوات) ضمن عبوات بلاستيكية سعة لتر ونصف كما يلي:

115 ليرة، للجعبة الواحدة من أرض المعمل.

135 ليرة، للجعبة الواحدة من الوكيل إلى باعة المفرّق.

150 ليرة، من باعة المفرّق إلى المستهلك.

25 ليرة، للعبوة الواحدة.

وفيما يتعلق بالعبوات الصغيرة سعة نصف لتر، فالحد الأقصى لسعر بيع الجعبة (12 عبوة) ضمن عبوات بلاستيكية كما يلي:

120 ليرة، للجعبة الواحدة من أرض المعمل.

140 ليرة، للجعبة الواحدة من الوكيل إلى باعة المفرّق.

155 ليرة، من باعة المفرّق إلى المستهلك.

17 ليرة، للعبوة الواحدة.

عمل مستمر وإشراف دائم

بعد مضي أكثر من ساعتين في أرجاء المعمل، توجهنا إلى مكتب مدير معمل مياه الدريكيش الأستاذ يوسف بدّور، الذي انتهى لتوّه من إصلاح أحد الأعطال برفقة ورشة الصيانة، وعبّر عن سعادته بالعمل على مدار 24 ساعة وقال: أشعر بأن هذا المعمل بكل ما فيه من عمال ومواد وأدوات وآلات أمانة في رقبتي، وعليّ أن أصون هذه الأمانة.. الحمد لله أن ثقة المستهلك بالمعمل عادت بقوة، ونحن في الحقيقة نوجّه عمالنا بشكل دائم للمعاملة الحسنة مع الزبون وتأمين متطلباته وحل كل مشكلة قد تعترضه.

الجميع في المعمل يشعرون بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.. وبالنسبة إلي شخصياً فإن وجودي بين الآلات والعمال يشكّل لي متعة حقيقية.

وفيما يتعلق بزيادة الأسعار أكد الأستاذ يوسف أن الظروف الراهنة كانت وراء هذه الزيادة الطفيفة قياساً بغلاء المواد الأولية وزيادة أسعار الوقود وغيرها.. الحمد لله أن استجرار المياه لم يتأثر بهذه الزيادة.

بقي أن نشير إلى أن معمل مياه الدريكيش هو أحد أربعة معامل هي الفيجة والسن وبقين، وجميع هذه المعامل تتبع للشركة العامة لتعبئة المياه ومركزها محافظة طرطوس، وقد أحدثت عام ،2009 وتتبع هذه الشركة للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية.

أختم بما قاله مدير معمل مياه الدريكيش: المحافظة على النجاح والتطوير المستمر، هو الهدف الذي نسعى إليه ويشغل تفكيرنا دائماً.

العدد 1107 - 22/5/2024