أيها الرجال.. أيتها النساء

أيها الرجال تستحق المرأة منكم كل التقدير، إن كانت ربة منزل أو عاملة خارجه، جميلة كانت أو غير جميلة من وجهة نظركم، مهّمة في المجتمع أو مهمّشة، في أحسن حالاتها النفسية أو أسوئها، في فوضاها أحياناً أو في قمة أناقتها، هي المرأة، أمك، أختك، رفيقتك والحياة، فهل ستطول مدة نضالها من أجل استرداد حقوقها،في حال لم تتقاطع مع حقوقكم؟! ودون أن تتوهموا خذلان رجولتكم ؟

أيتها المرأة.. هل يجوز أن يكون عيد المرأة ليوم واحد، فيما يجب أن نحتفل به مناصفة مع الرجال في كل أيام السنة، ودون أن يُعيدنا بذكراه إلى خانة الضعيفات القاصرات إلى الأبد؟ نقول مناصفة  ولا نطالب بزيادة أكثر مما ينبغي، ولا نغالي إن قلنا بزيادة ترجَح أحيانا لصالحها في ميزان الكفاح المرير من أجل حياتها وحياة الآخرين من حولها، إلا في حال وعت ذاتها وتعاملت مع الرجل، وعاملها كند له في الحقوق والواجبات.

إذاً أجرينا مسحاً ديموغرافياً شاملاً على حال المرأة السورية والعربية عامة، في ظل ما تشهده أغلب الدول من تحوّلات جذرية في واقعها، نجدها مشتتة بين بقائها مع عائلتها على قيد الحياة، وسلاح يحمله رجل ما في محيطها، هو أبوها أو زوجها أو أخوها أو ابنها، تحمل  معه قلقها وخوفها.

 تعترف بأنها ما زالت تقف أو أُوقِفت في الصف الخلفي من الصراع السياسي القائم، لا تملك أي قرار يساهم في إنهائه أو تخفيف حدّته، إنما تقتصر مساهماتها على التعاطف والمؤازرة والإدلاء بالنظريات التي لا تفعل فعلها الحقيقي ما دامت تقبع تحت خيمة تشريعات ذكورية، ومفتٍ أو شيخ ما زال ينظر إليها نظرته المتخلفة على أنها زناقصة عقل ودينس حتى لو كانت وزيرة وهو معتوه، ويصدّق بأنها من ضلعه، فيما هو من رحمها، ويحصرها في بوتقة العاطفة القاتلة لكل تفكير عقلاني، فلا يبالي بتفوقها، ولا علمٍ وشهادات ومناصب هي جديرة بها وحصلت عليها بالجدّ وسهر الليالي.

ونتساءل دائماً أين نحن من عيدنا؟ هل يقتصر فعلنا على مقالات وخطب تقدرنا وتمجد وجودنا ؟ وهل سيعترف القائمون على إصدار القوانين بحقنا في تقرير مصيرنا ؟ بحقنا في تغيير القوانين التي من شأنها أن تعيد لنا حقوقنا المسلوبة على مدى التاريخ وتناقضات رؤيته ورؤاه التشريعية والمجتمعية المنغلقة على تقاليد بالية تقف عائقاً في وجه تحررنا؟ ونتساءل أيضاً أين يقف الرجل المثقف المقتنع بحقوقنا؟ ومن الرجل الذي يقف ضده بقناعته تلك؟

وها هم بعض الرجال يحتفلون بها ومعها بيوم عيدها، كأنما هو إلى حد ما تنازل وتعاطف يحمّلها معه (أحياناً لئلا أكون معممة ومتجنية) جميلاً عليها ألا تنساه، وما زال كل عيد يذكرنا بحصولنا على حق التصويت والترشيح، كواجهة براقة تغشي العيون تخفي ورائها تلك المرأة الضعيفة التي مهما علت ستبقى تحت عباءته، ومهما تقلّدت الأوسمة واستلمت المناصب، فذلك من وجهة نظر البعض مداهنة وواجهة حضارية وتمثيلية يبدعونها فقط من أجل الدعاية والإعلان تقر أمام العالم أنهم يواكبون مسيرة المرأة النضالية، لكنه ما يزال يمارس ضدها عنفاً في الكواليس لا يشعر به إلا المخرج واضع قوانين المسرحية.

في سورية، وكي لا يكبر رأس المرأة، وبالمصادفة اندمج يوم عيدها بيوم الاحتفال بذكرى ثورة الثامن من آذار فضاع فيه، مع أنه يوم عطلة رسمية خاص بالمرأة في الكثير من بلدان العالم.

أيتها المرأة لك السلام

العدد 1107 - 22/5/2024