الأحزاب السياسية ضرورة أم برتوكول؟!

إنّ التقدم والرقي لأي مجتمع، يُبنى على أساس من التنافس الخلاّق والمشروع بين أفراده من أجل بناء المجتمع وإعماره، وذلك من خلال وجود آليات وأدوات مهنية وفاعلة يتبناها أفراد المجتمع الذين يمتلكون رؤية واضحة بنّاءة لخدمة مجتمعهم من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ومن أجل الوصول لذلك، لابدّ من وجود التعددية السياسية والحزبية، والتي تُعتبر من المفاهيم السياسية الحديثة التي تحتاج إلى أسس تشريعية وقانونية تنظم الحياة السياسية والتعددية الحزبية لتفعيل الحراك السياسي، وتوسيع المشاركة الصحية في إدارة الدولة، في ظل تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني من خلال التنمية السياسية، والذي يعتبر هذا الحراك جزءاً من منظومة المجتمع المدني وعنصراً فاعلاً من نظام الدولة القائم على مبدأ التعددية.

وانطلاقاً من ذلك، فقد أصبح من الضروري وجود قانون عصري للأحزاب، كي تأخذ دورها في تنمية المجتمع، وأيضاً من أجل تطوير برنامج الإصلاح السياسي، والاستجابة للمطالب الشعبية، للوصول إلى تداول السلطة، والمشاركة في مسؤوليات الحكم.

وهذا ما دفع باتجاه إصدار قانون الأحزاب الجديد الذي صدر في 4 آب2011

بموجب المرسوم رقم /100/ متضمناً المساواة الكاملة بين جميع الأحزاب السياسة، مراعياً وجود التعددية الحزبية، فمشاركة الأحزاب في البرنامج السياسي للدولة، سواء كانت معارضة أو لا، سوف تسهم في تطوير الأداء الوظيفي للبرلمان كسلطة تشريعية، ومؤسسة رقابية فاعلة قائمة على أسس ديمقراطية تعددية، حيث اعتبرت هذه التعددية من أهم الأسس في الدستور السوري لعام 2012 حسب ما نصت عليه المادة الثامنة التي تنص على:

 1- يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع.

 2- تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية.

 3- ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية.

 4- لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.

فقانون الأحزاب وضع الأسس التشريعية والقانونية الناظمة للحياة السياسية والتعددية الحزبية التي تشكل إحدى ركائز النظام الديمقراطي في ممارسة المواطنين لحقوقهم في المشاركة السياسية، والإسهام في صياغة الحياة السياسية على أساس المساواة بينهم في الحقوق والواجبات، واحترام الحريات. وأيضا أوجب هذا القانون أن يقوم الحزب على احترام السيادة الوطنية، ومبادئ الديمقراطية، وحقوق الإنسان والعدالة، وأن لا يتعارض مع أحكام الدستور ومبادئ الوحدة الوطنية، والتداول السلمي للسلطة، والمؤسسات الدستورية، والاتفاقيات المصدّق عليها من قبل سوريا.

لقد جعل هذا القانون المنافسة الشريفة وسيلة للوصول إلى السلطة، من أجل تنفيذ البرنامج السياسي وليس الحكم فقط، وفتح باب الحوار الذي يعتبر المدخل الأساسي لبناء دولة المؤسسات، وبناء مجتمع حضاري مزدهر اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وأخلاقياً.

العدد 1105 - 01/5/2024