«المجلس» يرفض.. و«الائتلاف» يتخبط!

إصرار روسي أمريكي أممي على عقد جنيف في موعده

جهود «ملتبسة» لواشنطن بهدف تجميع المعارضين

 

 مع اقتراب موعد عقد جنيف ،2 ورواج بعض الإشاعات عن احتمال تأجيله إلى موعد لاحق، جاء تأكيد روسيا والولايات المتحدة على عقد المؤتمر العتيد في موعده بتاريخ 22/1/،2014 وهذا يقتضي من الناحية النظرية تنفيذ الولايات المتحدة لما تعهدت به، والضغط على المعارضة الخارجية بجميع أطيافها، وعلى داعميها العلنيين والسريين لحضور المؤتمر، لا من أجل تعجيزه بشروط ومطالب تتناقض مع خيارات جماهير الشعب السوري بأطيافها المختلفة، بل للتوصل إلى نهاية سلمية لتهديم سورية وتفتيتها، ووضع حد لمآسي المواطنين السوريين.

حتى كتابة هذه الأسطر، يبدو أن الأمريكيين لم يمارسوا في حوارهم مع (الائتلافيين) والمعارضين الآخرين ضغوطاً جدية تتناسب مع خطابهم السياسي المعلن الذي يؤكد أهمية جنيف 2 بوصفه مخرجاً سلمياً للأزمة السورية، بل هناك ما يؤكد جنوحهم إلى التفاوض مع المجموعات الإرهابية الإقصائية بهدف رفع منسوب مطالب المعارضين إلى حده الأقصى، في الوقت الذي وافقت فيه الحكومة السورية على حضور المؤتمر دون شروط مسبقة، وسمّت وفدها المشارك في أعماله.

لم يكن إعلان المجلس (الوطني) الذي يشكل ثقلاً كبيراً في (الائتلاف) رفضه لحضور جنيف 2 مفاجأة لأحد، إذ مازال هذا المجلس غارقاً في أوهامه بتسلّمه السلطة في سورية، هدية على طبق من ذهب من الحكومة والشعب السوري. كذلك أتت تصريحات بعض كبار (الائتلافيين) في التوجه ذاته، مستندين إلى تحالفات جديدة مع المجموعات الإرهابية، ودعوة سعودية برفع مستوى الدعم العسكري والمالي واللوجستي لهذه المجموعات الرافضة لأي حل سلمي للأزمة السورية.

الأوربيون يرون بأمّ العين المعارك الدائرة بين المجموعات الإرهابية، سعياً وراء المكاسب وانتزاع النفوذ.. هذه المجموعات الإقصائية التي دعموها في الماضي كممثل (شرعي) للشعب السوري، وباتوا أكثر المتخوفين من تشظي الإرهاب الذي تنشره هذه المجموعات، ليس في سورية فحسب، بل في الدول المجاورة وأوربا، خاصة بعد التفجيرات الإرهابية في لبنان، ومحاولات احتلال الفلوجة في العراق، والأعمال الإرهابية في فولفاغراد الروسية.. وحده الرئيس الفرنسي الذي هبطت شعبيته إلى أدنى مستوى لرئيس فرنسي، يغرد خارج السرب الأوربي، باحثاً عن المليارات السعودية، مشككاً بجدوى جنيف ،2 وداعياً إلى خيارات تنتقص من حق السوريين في تحديد مستقبلهم السياسي الديمقراطي.

لقد روى الخارجون من مدينة عدرا العمالية ما شاهدوه من المجازر التي ارتكبها الإرهابيون بحق سكان المدينة الذين يمثلون النسيج الاجتماعي والديني المتنوع للشعب السوري، ونقلوا إلى وسائل الإعلام ما عانوه من مجموعات إقصائية سوداء مازال البعض يعدها ممثلاً شرعياً لطموحات السوريين، ويفتحون لها ترساناتهم وخزائنهم.

جنيف 2 لن يحقق أي نتائج إيجابية تنعكس على الأرض في ظل تسابق محموم بين أطياف المعارضة الخارجية (الائتلافية) والمجموعات الإرهابية السوداء، على رفض الحل السلمي للأزمة السورية، وانتزاع التمثيل الحصري أمام الحكام السعوديين.. فالحوار يحتاج إلى محاورين يسعون إلى نتائج توافقية يؤيدها جماهير الشعب السوري، تحقق لها نهاية لأزمة طال أمدها، وخروجاً من نفق أسود خنق كل ما هو جميل في بلادهم.. والحوار يحتاج أيضاً إلى ممثلين حقيقيين لمكونات الشعب السوري السياسية والاجتماعية، دون إقصاء ودون تجاهل.

السوريون ينتظرون، رغم صعوبة الانتظار، لكنهم في الوقت ذاته مصممون على بناء مستقبلهم الديمقراطي.. العلماني، مهما كانت نتائج جنيف 2!

العدد 1107 - 22/5/2024