الأخلاق.. قيم شوّهتها المتغيّرات!

 

 

تُعرّف الأخلاق على أنها شكل من أشكال الوعي الإنساني، ومجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة، بحيث ترتقي لأن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب، كي تكون سنداً قانونياً للدول. 

لكن، مع تطور الحياة البشرية بعلومها وتقنياتها، نجد أن كثيراً من تلك القيم والمبادئ، قد خضعت لاختلالات فرضتها الحداثة والعولمة، والأزمات الاقتصادية والاستعباد العصري الناتج عن سيادة مفهوم الاقتصاد الحر الخارج على جميع القوانين والأنظمة.

ولا شكّ أن من يحمل راية التغيير هم الشباب، بحكم المرونة الذهنية التي يتمتعون بها، والتي تدفعهم لاستقبال تطور الحياة وعلومها وتقنياتها، بل وتبني معظم القيم الناشئة عن تلك التطورات. وهذا ما يدفعنا لطرح السؤال التالي:

ما مدى ترسّخ القيم الأخلاقية لدى الشباب المعاصر؟

إن المتتبع للأخبار اليومية، يرى أن حوادث التحرّش وجرائم السرقات وتجارة المخدرات والإدمان والرشوة قد ارتفعت نسبها في العقود الأخيرة، وهذا مؤشر خطير على انهيار القيم في مجتمعنا، وهو ناتج عن سيادة النظرة المادية المطلقة في العلاقات الإنسانية، القائمة على مبدأ الغاية تُبرر الوسيلة. والأسباب الكامنة وراء ذلك متنوّعة وعديدة، تبدأ من النظام العام في الدولة، مترافقاً مع النظام العام في الأسرة، مروراً بكل الأنظمة الأخرى المرافقة لحياة الشباب، ابتداءً من المدرسة، وصولاً إلى ميادين الحياة اللاحقة كافة. وتُعتبر وسائل الإعلام بتقنياتها وقنواتها المختلفة هي الأخطر في تعزيز قيم مخالفة ومشوّهة، إذ لم تعد ذات توجه أخلاقي وتثقيفي بقدر ما أصبحت ذات بعد تجاري محض، اتخذت من الشباب قاعدة استهلاكية، فأصبحت الإثارة سبيلاً لجلب انتباههم من خلال الضخ الهائل لكل ما يروي ظمأ الشباب إلى الانطلاق والانفلات من كل قيد. وهذا ما يُسهّل خلخلة القيم الأخلاقية والمجتمعية لديهم، وبالتالي خلخلة توازن المجتمع برمته.  

 

العدد 1105 - 01/5/2024