عام آخر من الركود

عام آخر مرّ على اقتصادنا الوطني وهو يرزح تحت وطأة الأزمة المركبة التي عصفت ببلادنا وتداعياتها التي تراوحت بين الحصار الاقتصادي الجائر، وتعطّل قطاعات الإنتاج الرئيسية، وتخريب البنية التحتية، وانخفاض سعر العملة الوطنية، وظهور أثرياء الحروب وتجار الأزمات وكتل الفساد الكبرى، وتقلّص دور الدولة الاقتصادي.

بذلت الحكومة جهوداً مكثفة لمعالجة بعض المعضلات الكبرى التي ترهق المواطنين، فنجحت في بعضها، وفشلت في أكثرها، لكن القناعة تولدت لدى الجميع بأن تعافي الاقتصاد السوري من حالته الراكدة مرهون بانتهاء الأزمة السورية، لكن هذه القناعة لا تعني أن نقف مكتوفي الأيدي بانتظار اكتمال العوامل الداخلية والخارجية واتفاق المعارضين الذين لم يتفقوا يوماً، لأن انعكاس حالة الركود الاقتصادي على الأوضاع المعيشية للجماهير الشعبية كان ومايزال كارثياً.

وبكلمة أخرى علينا تشجيع وتحفيز أي جهد لإعادة تشغيل المصانع الكبيرة والصغيرة والورش والمشاغل، ووضع قواعد ميسرة لتسهيل إقراضها من المصارف الحكومية، وذلك للتخفيف من عمليات الاستيراد، وتوفير فرص عمل لمئات ألوف الباحثين عنه من المتعطلين والشباب، ومساعدة القطاع العام الصناعي على استئناف إنتاجه، وتأمين مستلزمات استمراره، والتدخل الحكومي في الأسواق لا عن طريق المراقبة فحسب، بل الدخول كطرف رئيسي في عملية تحديد الأسعار وهامش الربح.

إنها خطوات غير كافية لإنهاء حالة الركود، لكنها ضرورية لأنها على الأقل تبقي الاقتصاد الوطني (واقفاً).. لا كما تمنت قوى التحالف الدولي – الخليجي المعادي لسورية، بزعامة الولايات المتحدة وشركائهم في الداخل، وعملت على انهيار الاقتصاد السوري الذي يُعد الداعم الأبرز لصمود سورية وشعبها.

الحل السلمي لأزمتنا الوطنية، ووقف نزيف دماء السوريين، والقضاء على الإرهاب التكفيري الإقصائي، يعني بدء انطلاق الاقتصاد السوري نحو الانتعاش، وبانتظار ما ستسفر عنه المساعي الدولية في جنيف ،2 نرى أن تتركز الجهود الحكومية على دعم القطاعات التي ماتزال (واقفة)، وتحفيز المنتجين الصغار (الواقفين)، وتخليص الفئات الشعبية من بعض همومها الكبيرة.. فالفقر يطحنها، والبطالة تكويها!

العدد 1105 - 01/5/2024