تعدد مسارات الجولة الثانية

لا تزال خيبة الأمل ترسم طريق الحوار في الجولة الثانية. ويبدو أنها كانت جولة شاقة وربما أشقّ من الجولة الأولى، كما بيَّنت اللقاءات بين الوفد الحكومي ووفد (الائتلاف). وفشل اقتراح الأخضر الإبراهيمي بإطلاق مسارين متوازيين هما: (وقف العنف ومكافحة الإرهاب، وبحث الهيئة الانتقالية).

وتقاطعت الجولة الثانية مع قمم ثنائية (أوباما / هولاند)، أكد فيها الرئيسان ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. وفي الوقت نفسه استعاد أوباما ذكريات تصريحاته المكرورة (التي لا طعم لها ولا رائحة)، بشن هجوم على سورية وإيران وروسيا.

إن الوثيقة التي قدمها وفد (الائتلاف) المؤلفة من اثنين وعشرين بنداً، أدّت إلى ارتفاع حرارة النقاش والتصريحات وتثبيت المواقف التي طرحت في الجولة الأولى. ويعد (الائتلافيون) الهيئة الانتقالية (الهيئة الشرعية الوحيدة التي تمثل سورية). أما الوزير المعلم فأكد أثناء لقائه (غاتيلوف)، أن سورية مستمرة في هذه الجولة بكامل الجدّية والجاهزية والمسؤولية لتطبيق بيان جنيف1 ، ومواصلة الحوار حول إنهاء العنف ومكافحة الإرهاب.

وعطَّل الإبراهيمي الجلسات وطلب النجدة من (موسكو وواشنطن). وقال بصريح العبارة باحتمال الفشل الكبير لهذه الجولة، وعدم إحراز أي تقدم يذكر. وهو يستعد لتقديم تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول نتائج الجولتين واقتراحاته.

كما ناقش مجلس الأمن (يوم 14 شباط) مشروعي قرارين بشأن الوضع الإنساني في سورية، ومشروع بيان حول مكافحة الإرهاب.

وعزَّز الموقف الروسي موقف سورية. ودعا غاتيلوف إلى البحث في المسائل التي تفتح الباب للدخول الجدي في الحل السياسي، وهي: (محاربة الإرهاب، دراسة الوضع الإنساني، إمكان التوصل إلى هدنة تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية.. والمستقبل السياسي لسورية). ويبدو من تكرار مواقف السيد الإبراهيمي أنه يتخذ بعض المواقف المواربة، ويضع إصبعه في كفة الميزان ويضغط لترجيحها لصالح (الائتلاف)، علماً أنه الوسيط الذي يجب عليه أن يحقق التوازن والعدل، وتقريب وجهات النظر لصالح الحل السياسي دون تفضيل طرف على آخر. وقد أعلن عن موقف مغاير للموقف الروسي حول طرح التوازي بين البند (الأول والثامن من وثيقة جنيف1 ). وقال: لا أعتقد أنهم يعارضون الفكرة.. لن نحل العنف والإرهاب.. ولن نتوصل إلى الهيئة الانتقالية هذا الأسبوع، والهدف هو وضع هذه النقاط على الطاولة. ولم تقدّم روسيا اقتراحاً يدعو إلى تعديل مشروع القرار الذي قدمته (لوكسمبورغ وأستراليا والأردن)، وإنما قدّمت مشروع قرار جديد يحتوي على رؤية روسيا للدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس الأمن في حل الأزمة السورية. وقدمت روسيا مشروع قرار يخص مكافحة الإرهاب إلى مجلس الأمن الدولي، يأخذ في الاعتبار الدعوة التي وجهها قادة الدول الثماني الكبرى إلى المعارضة السورية والحكومة لتوحيد الجهود لاجتثاث الإرهاب في سورية.

إن الجولة الثانية كسابقتها، ويمكن أن يطول موعد الجولة الثالثة.. وحتى يأتي موعدها يستمر الجيش السوري بمطاردة الإرهابيين وحصارهم والقضاء على المجاميع المسلحة.. وفي الوقت ذاته تحقق المصالحة الوطنية النجاح رغم بعض الهَنَات التي تعترض مسارها، في مناطق عدة من سورية.. وقد ضاقت جداً المناطق الحاضنة، ولم يَعُد الشعب السوري بجميع مكوّناته يصبر على ما يقوم به الظلاميون والوهابيون من أعمال قتل ومجازر وخطف وتخريب. وقد عبَّرَ عن تأييده للوفد الحكومي وتحقيق الحل السياسي للأزمة السورية، والحفاظ على وحدة سورية وقرارها المستقل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وضد أي عدوان، من خلال المسيرات التي عمّت مدن البلاد وقُراها، وطالب الجيش الباسل بالقضاء على الإرهاب والإرهابيين وعودة الأمن والأمان وتحقيق السلام في ربوع الوطن.

 

العدد 1105 - 01/5/2024