أغلقوا متاجركم فالمرأة ليست للبيع!

 بدايةً..: سنعود معاً قليلاً إلى الوراء..منذ سنين غابرة هجم على العالم فقرٌ مدقع أضنى الكرماء.. وجوّع الأغنياء..

لنرح من كلمة (عالم) وندخل إلى الوطن العربيّ

ففي ظروف كهذ لم يعد للناس حكاية غير أن تتعاون في العمل لربما تقتات يومها، فكان إنجاب الأولاد الذكور خير فعلٍ تقوم به الأسر آنذاك، فالبنات في ذاك الزمن الذي عُرف بالأشغال المتعبة (كزرع الأرض، والحراثة ونقل الأحجار وو والخ..) لن تقوى عليه إلا القلّة منهنّ، فإذاً لن يكون منهنّ فائدة، فأصبح الحلّ الأفضل للبنات إما وأدهنّ في بعض الأسر والبيئات المتخلّفة، وإما تزويجهنّ، فخُلق شيءٌ آنذاك يدعى المهر كتعويض للأهل يدفع بمقدار أكيال من الحبوب أو الطحين أو حتّى بالدّواب أيّاً كانت..

إلى أن باتت هذه المفاوضة على الفتيات دارجة عند أغلب البيئات، ومن ثمّ نضجت هذه العادة لتصبح مالاً تقايض به المرأة بين أهلها وعريسها على سعرٍ يناسب الطرفين..

أصبحنا في القرن الحادي والعشرين وما زال المهر شيئاً أساسيّاً لدى عدد كبير من أسر المجتمع..!

السؤال اليوم: في هذا الزمن الذي تميّز فيه الزمن الحاضر عن الماضي بشكل كبير، هل ما زال المهر ذا قيمة؟؟

وإلى ماذا أصبح يفضي معناه اليوم؟؟!

زمننا هذا أضحى زمن علم بشكل رئيسي، وأصبح التعليم حقّاً من حقوقها المشروعة حتى لو أنكرت معظم البيئات ذلك..!

وبعد، بات من الطبيعيّ أن يكون للمرأة عملٌ تعتمد عليه مادياً ونفسياً واجتماعياً.. وإلى آخره من تحديثات على التقاليد العربية التي بدأت تعترف للمرأة بحقوق تفرض على الجميع أن يحترمها..

اليوم إن كان المهر ما زال موجوداً فهو لم يعد في بعض البيئات إلا تقليداً شكلياً أمام الناس، أما المرأة الواعية الفاعلة في المجتمع والأسر الراقيّة، فلم تعد تقبل بهذا التقليد التجاريّ الصنف !، لأنه من المعيب أن يُدفع ثمن المرأة لأهلها على أنها سلعة!!

فاليوم أصبح للمرأة اعتبار لأنها العمود الفقريّ لكلّ أسرة، ومن المفترض أن لا تقبل المرأة التي تنشئ جيلاً على نفسها بأن تُعتبر قطعة تتم المفاوضة عليها!

إلاّ أنّ هذا لا يعني أنه ما زال هناك أسرٌ بأكملها في مجتمع تقليدي تبقي على هذه العادة المهينة لكرامة المرأة!!

خلاصة القول: اليوم لم يعد لا المهر ولا المقدّم ولا المؤخّر جديراً بحفظ حقوق المرأة_ إن كان هذا هو الهدف الثاني من المهر ومثيله_!!

فاليوم بات باستطاعة المرأة أن تكون شجرة واقفة على الدوام على قدميها دون انكسار ! ودون حاجة لدفعة أولى من ثمنها ولا أخيرة..!!

فإن لم تكن المرأة اليوم نصف المجتمع فهي ثلاثة أرباعه..

نختم بإحدى مقولات الفلاسفة الإغريق:

(إذا علّمت رجلاً قأنت تعلّم شخصاً بمفرده..، أما إن علّمت امرأة فأنت تعلّم جيلاً كاملاً..)

في هذا الزمن يجب أن يوضع حدّ للأسر الجاهلة التي مازالت تعامل الفتاة على أنّها سلعة يُقبض ثمن بيعها..

فأيّها التجار، أغلقوا متاجركم فالمرأة ليست للبيع!!!

العدد 1107 - 22/5/2024