الموساد والإرهاب في العالم

هذا هو السؤال الذي يطرح  اليوم بعد الهجمة الإرهابية في فرنسا يوم الخميس على إحدى دوائر الصحافة والإعلام، وتم إطلاق الرصاص من أسلحة تعتبر نوعية وإمكانية حيازتها في أوربا صعبة، وتمكنهم من الهروب بعد تحقيق فعلتهم، ولايزالون طليقين حتى اليوم، ثم هجوم على محل للمواد الغذائية يملكه يهودي في باريس بعدها بيوم واحد، واحتجاز خمسة رهائن، وقتل أربعة بعد ساعات من احتجازهم. كل هذا يلفت الأنظار إلى دور الموساد في هذه العملية والتنفيذ من قبل أناس متطرفين إرهابيين يدّعون الإسلام، بهدف تشويه سمعة الإسلام بالدرجة الأولى والعرب ثانية.

وإذا تساءلنا لماذا اختيرت باريس بالضبط؟

كلنا نعرف أن لفرنسا دوراً كبيراً في المجتمع الأوربي، وخاصة فيما يتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلي، ومواقف العديد من الدول الأوربية مؤخراً عن طريق برلماناتها باعترافهم بالدولة الفلسطينية، والبعض اعتراف حكومات أوربية أيضاً بالدولة الفلسطينية.. وعملياً تتوالى الاعترافات ويتعاظم دور الشارع الأوربي وموقفه ضد السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. وخاصة بعد تقديم الدولة الفلسطينية طلباً لتكون عضواً دائماً وفعالاً في محكمة الجنايات الدولية مؤخراً، والتصويت عليه في الأمم المتحدة، وتزايد الدعم الشعبي والرسمي الأوربي لحقوق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته المستقلة ورفض الاستيطان.. كل ذلك أغضب الكيان الصهيوني وأمريكا، وكانت نتيجة التصويت في الأمم المتحدة أكبر ضربة لإسرائيل، وهي تعلم تداعيات هذا القرار والمواقف البرلمانية والحكومية للدول الأوربية ونتائجها. كل ذلك عجّل من وتيرة توجيه ضربة قاسية إلى فرنسا، وتحقق إسرائيل فيها عدة أهداف، ضرب المسلمين والعرب في أوربا والعالم، وإعطاء جرعة لليمين الأوربي ليتنفس الصعداء، والنهوض بتنفيذ برامجه العدائية والعنصرية والشوفينية بحق العرب والمسلمين واليسار الأوربي، وبذلك يكون قد حقق حزمة من الأهداف دفعة واحدة.

وثانياً توجيه رسالة إلى المجتمع الأوربي خاصة والعالم أن هذه المكونات التي تقفون على جانبها وتصوتون لصالحها هي ألد أعداء الحرية والديمقراطية ومشجعي الإرهاب في العالم.

وثالثاً تحويل الأنظار عن مواقف إسرائيل من دعمها للمنظمات الإرهابية من داعش وأخواتها في سورية والعراق، وتقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والطبي واللوجستيي، إضافة إلى التسليح والتدريب والاستطلاع والتزويد بالمعلومات.

رابعاً محاولات إسرائيل عن طريق عملائها وطابورها الخامس لخلق العداء للإسلام والشعوب العربية، وخاصة الشعب الفلسطيني بتحريض بعض الأصوات لتأييد هذا العمل الإرهابي وماترتب عنه من أعمال إرهابية أخرى لتشويه صورة العرب والإسلام أمام الشعوب الأوربية والشعب الفرنسي خاصة، وإظهار الإسلام والعرب بموقع المدان والإرهابي، وبذلك تكون قد حققت عدة أهداف، خاصة أن رئيس الجالية اليهودية في براغ كان قد صوّب سهامه بعد ساعات من العملية إلى العرب والفلسطينيين من حماس وحزب الله ونعتهم بالإرهاب، وحمّل فرنسا بشكل مبطن مسؤوليتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ماهو المطلوب؟

إن فرنسا كان لها دور سلبي وسيئ خلال سنوات الأزمة السورية، وفي إنشاء المجموعات الإرهابية ودعمها والمطالبة بتسليحها منذ البداية ووصفها لهذه المجموعات بالثوار والمدافعين عن الحرية والديمقراطية في سورية. وطالبت مرات عديدة بتوجيه ضربة عسكرية لتدمير سورية تحت الفصل السابع، إضافة إلى دورها السلبي مع تركيا وقطر والسعودية بتأجيج الأزمة وتطوير العنف والقتل والدمار.

مقابل ذلك علينا أن نكون واعين، وأن لا ننزلق لمخططات الموساد، بل نعمل على إفشالها وتحميلها مسؤولية ماحدث في فرنسا، والطلب من كل الجاليات والتجمعات الإسلامية والعربية باستنكار هذا العمل الإرهابي الشنيع، وأن دين الإسلام هو دين محبة وتسامح وبعيد عن كل هذه الأعمال، وأن الإرهابيين الذين قاموا بهذا العمل لا يمتون إلى الإسلام بأي صلة، وإنما هم مجرد ستار وضع لتشويه الإسلام، واستنكار كل الأعمال الإرهابية ووضع البوصلة الرئيسية اليوم لمكافحة الإرهاب في المنطقة والعالم. لأنه أكدنا مراراً لأشقائنا الأوربيين أن الإرهاب ليس له دين ولا قومية ولا حدود، ويجب مراقبة كل الأشخاص المتطرفين والإرهابيين الذين يغادرون أوربا إلى مناطق التوتر في سورية والعراق. وللأسف يجب التذكير هنا بما صرح به وزير الداخلية الفرنسية السابق (من أنه لايمكن أن يمنع المتطرفين والمجاهدين الفرنسيين من مغادرة فرنسا للمساعدة في نشر الحرية والديمقراطية في سورية)؟

وزيارة وزير الخارجية الفرنسي السابق كوشنير إلى سورية خلسة ودون موافقة الحكومة السورية، تسلل بشكل سري لدعم الإرهابيين والمتطرفين على الأراضي السورية.

نتيجة لذلك أدعو المجتمع الدولي لنبذ العنف والإرهاب في العالم، ووضع أولوية ومخطط عملي لأسلوب مكافحة الإرهاب وضربه، والضغط على الدول الإقليمية والدولية الداعمة للإرهاب لتجفيف منابع الدعم والتمويل، وعمل خطة مشتركة بين كل الدول التي تعاني من شبح الإرهاب الذي بدأ يتمدد عبر الحدود والقارات. وهذا لايتم إلا بتضافر جهود كل المدافعين عن حرية الشعوب والحفاظ على أمنها واستقرارها، والشرفاء والأحرار، ودعاة السلم والتعايش في العالم.

العدد 1107 - 22/5/2024