هل أخطأت السلطة الفلسطينية في تقديم مشروعها؟

قبل أيام تقدمت مندوبة الأردن إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يتضمن إنهاء إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية بحلول عام ،2017 وذلك بعد أن حصلت على موافقة 22 دولة عربية، إضافة إلى السلطة الفلسطينية.. وعلى الرغم من المعارضة الداخلية للقوى الفلسطينية على مشروع القرار، إلا أنه قُدّم ورُفض، وذلك بعد أن صوّتت 8 دول لصالح القرار (روسيا – الصين – فرنسا – الأردن – لوكسمبورغ – الأرجنتين – تشاد – تشيلي)، فيما اعترض على القرار كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، بحجة أن هذا القرار لا يراعي مخاوف الكيان الصهيوني الأمنية، وامتنعت 5 دول عن التصويت على رأسهم بريطانيا صاحبة حق النقض (الفيتو)، إضافة إلى لتوانيا ونيجيريا وروندا وكوريا الجنوبية.. أي أن القرار كان يحتاج إلى صوت واحد إضافي لكي يمر، إذا لم يتم استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل إحدى الدول الأعضاء بشكل دائم (الصين أو روسيا أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا). وفي الواقع هذا الصوت التاسع كانت الجهود العربية تعول في إحرازه على نيجيريا، إلا أن الضغوط الأمريكية حالت دون أن تصوّت نيجيريا لصالح مشروع القرار، مما خيّب آمال العرب في تحقيق مساعيهم.

وأظهر التصويت على هذا القرار اختلاف الموقف الأوربي، فقد امتنعت بريطانيا عن التصويت، وفرنسا ولوكسمبورغ وافقتا على مرور القرار.

وكانت السلطة الفلسطينية تطمح لنيل الـ9 أصوات التي تضمن مرور القرار، مما يضع أمريكا (الراعية للسلام) في موقف حرج، إذ ستدفع إلى استخدام حق النقض (الفيتو) لإيقافه، مما يكسب السلطة قوة سياسية تفاوضية، إلا أن نيجيريا خلصت أمريكا من هذا الحرج امتناعها عن التصويت.

ولكن هل أخطأت السلطة الفلسطينية في تقديم هذا المشروع؟

أولاً إن أهم ما يجعل أي شيء قابلاً للنجاح هو الإجماع عليه من قبل الأشخاص المعنيين بهذا الشيء بشكل مباشر، ولكن هذا لم يحصل فيما يخص مشروع القرار الذي كان محل سخط من الفصائل الفلسطينية، فقد رفضته بصيغته الأولى وبصيغته المعدلة، نظراً لأنه يحتوي على الكثير من التنازلات التي لا تخدم القضية الفلسطينية، بل وينزل من سقف المطالب الوطنية الحالية ولا تناسب التطلعات الشعبية، إضافة إلى التفرد بالقرار في التوجه إلى مجلس الأمن بهذه الصيغة، فلم تقم السلطة بالتشاور مع الفصائل ولا مع المستقلين. ومن المعلوم أن هذه الفصائل تمثل نسبة كبيرة من الشعب الفلسطيني، مما يجعل هذا المشروع، إن (مرّ)، فاقداً للشرعية، على الأقل في الداخل الفلسطيني، لأن أصحاب الشأن يرفضونه من أساسه.

ثانياً لعل اختيار هذا التوقيت بالذات كان خاطئاً، وذلك لأن بعض الأعضاء سيتجددون في بداية العام، إذ يجدد المجلس الذي يضم 15 عضواً، نصف المقاعد العشرة غير الدائمة، بحسب المناطق، في اقتراع سري في الجمعية العامة، وسيدخل عليه كل من فنزويلا وماليزيا وأنغولا بدلاً من الأرجنتين وكوريا الجنوبية وروندا على التوالي وأيضاً إسبانيا ونيوزلندا بدلاً من لوكسمبورغ وأستراليا، وهذا التبديل سيخسر فلسطين صوتين ألا وهما لوكسمبورغ والأرجنتين، ولكن في المقابل دخول فنزويلا سيضمن صوتاً لفلسطين، وذلك نظراً لمواقف فنزويلا التاريخية المؤيدة للشعب الفلسطيني من أيام القائد هوغو تشافيز إلى حكم الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، وأيضاً دخول ماليزيا سيشكل دعماً لفلسطين، نظراً لعضوية ماليزيا في مجلس التعاون الإسلامي بصفتها عضواً مؤسساً كفلسطين، وأيضاً دخول إسبانيا وصوتها سيكون له دور في تمرير القرار، فإسبانيا كانت من الداعمين لشعبنا الفلسطيني، وهذا ما ظهر أثناء العدوان على مدينة غزة، إضافة إلى نيوزلندا، إذ تشهد العلاقات الثنائية الفلسطينية والنيوزلندية تطوراً ملحوظاً، وعدا ذلك فإن خروج أستراليا التي صوتت ضد القرار الفلسطيني أمر مفيد.

ولربما هذه الحادثة على الرغم من فشلها إلا أنها قد تكون مفيدة، فقد وقع محمود عباس رئيس دولة فلسطين على 20 وثيقة، وذلك للانضمام إلى المنظمات الدولية التي لفلسطين الحق في الانضمام إليها منذ حصولها على العضوية في الجمعية العمومية، وإن أبرز تلك المنظمات الدولية هي محكمة الجنايات الدولية.

أما كان للقيادة الفلسطينية الاستفادة من هذه المكاسب التي كانت ستجنيها، لو أنها إذا تعاملت مع هذا المشروع الهام للشعب الفلسطيني بطريقة أفضل؟

العدد 1107 - 22/5/2024