جديد الإرهابيين.. التعاون مع إسرائيل!

منذ أن انفضّ في الشهر الماضي اجتماع جنيف 2 حول المسألة السورية، دون إحراز أي تقدم، وقوى المعارضة المسلحة ومن ورائها جناحها السياسي، تكاد لا تفكر إلا بما ينقذها من التفكك استعداداً لجولة جديدة من المفاوضات، قد تكون جنيف 3 أو ما شابه.

لذلك فهم يستغلون أي حدث يجري في العالم لتفسيره على نحو يخدم آلة الدعاية الضخمة التي يوفرها لهم أسيادهم، وخاصة في الخليج. وقد برز ذلك من تعاملهم مع أحداث أوكرانيا، فقد تعاملوا معها وكأنها إنجاز لهم، وهم يأملون أنها تضعف روسيا وتقوّي أمريكا، وهو بيت القصيد لدى المعارضة الأوكرانية التي اعتمدت كلياً على قوى التدخل الأجنبي، وعلى الشعوذة وغسل العقول، واستحضار كل ما هو متخلف وبائد، ومجبول بالدم، حتى وصلت (إنجازاتهم) إلى حدّ الاستعانة بهؤلاء الذين اكتسبوا خبرة في التفخيخ والذبح وقطع الرؤوس أثناء وجودهم في سورية، واكتسابهم لخبرات جديدة في (ميدان القتال) ضد السوريين.

الأمر الآخر الذي تشتغل عليه القوى التكفيرية الآن، هو تطوير التحالف الجديد الذي برز الآن على مسرح الأحداث بينها وبين إسرائيل، إذ سقطت لدى هذه القوى، أية محرمات، أو بقايا من خجل، فقد أصبح استدعاء التدخل العسكري الأجنبي، لديها، أمراً مألوفاً لا يثير الوجدان الوطني ولا يستفزه، فلماذا لا تكون إسرائيل إحدى الأوراق الضاغطة الأساسية في المنطقة، مادامت المصالح قد تلاقت بين الغرب والتكفيريين وأتباعهم، على إسقاط الدولة السورية وتصفية القضية الفلسطينية؟

ولأن التنازل يجر التنازل، فقد توسعت رقعة التحالف الجديد، لا بضم السعودية إليه فقط، بل لتلعب دوراً قيادياً فيه، بحكم أنها الممول الرئيسي لكل الأنشطة العسكرية والسياسية التي تحضّر الآن، لتكون الجولة القادمة جولة التصفية (النهائية).

إن التعاون الإسرائيلي – السعودي- الأردني المدعوم أمريكياً وأوربياً وتركياً، يكاد يصبح بالتدريج أمراً مألوفاً في المنطقة أيضاً، رغم أنه يحمل في طياته خطر سقوط الأسرة الهاشمية عن كرسي الحكم في الأردن، وتفكيك المملكة السعودية، وانفجار الوضع في اليمن، وتوسع رقعة الحرب الداخلية في العراق.

إن الأنباء التي تتواتر عن التحضيرات العسكرية لهجوم بري واسع النطاق على سورية انطلاقاً من بواباتها الجنوبية، يجب عدم إغفالها في أي تحليل للأزمة السورية، بل بالعكس، فإن القوى الوطنية التي تتصدى للمشروع الغربي التكفيري، وعلى رأسها الجيش العربي السوري، يأخذون بالحسبان أن دخول إسرائيل على الخط علانية وبكل وضوح، يعني أن هناك استهدافات إسرائيلية محددة ضمن الأهداف العامة لهذا التحالف، ونعني بذلك احتمال الشروع في إنشاء منطقة عازلة على حدود محافظتي درعا والقنيطرة، تكون قاعدة استناد للقوى الإرهابية، ودعم وتموين لها.. وفي الوقت نفسه تلعب الدور نفسه الذي لعبته المناطق العازلة في جنوب لبنان، مثل (الجدار الطيب)، و(جيش لبنان الحر)، وكان من رموزها الأساسية كل من الخونة الرائد سعد حداد وأنطوان لحد، اللذين تحطمت ممالكهما الهشة تحت أقدام المقاومة الوطنية اللبنانية.

الأيام القريبة القادمة ربما ستحمل مساع جديدة عن مسارات الحل السياسي التي يجريها الأخضر الإبراهيمي وغيره، لكن في جميع الأحوال لم يقع السوريون في الفخ المنصوب لهم، وهو تمييع المسألة وإبقاء سورية منشغلة وغارقة في خضم حرب استنزافية طويلة المدى، وهم بالقدر الذي يتعاملون فيه مع المساعي السياسية بكل جدية ومرونة، يعرفون أنهم يتعاملون مع قوى إرهابية لا حدود لإجرامها، وتنكّرها للقيم الإنسانية والأخلاقية.

العدد 1107 - 22/5/2024